(باب التوبة)
(فصل): في بيان تكفيرها للسيئات
  قال #: (وهي) أي التوبة (مكفرة) بنفسها (لكل معصية) صغيرة كانت أو كبيرة إجماعاً، (لقوله تعالى: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ) وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى ٨٢}[طه] (الآية)، ونحوها من الآيات كثير.
  (ويبدل الله بها مكان السيئات حسنات لقوله تعالى: {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ}) [الفرقان: ٧٠]، قال في التهذيب: يمحو السيئات بالتوبة، ويكتب ثواب التوبة بدلها {وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ٧٠ ...} الآية [الفرقان].
  وقال الناصر # في كتاب البساط: أعلمنا الله سبحانه أن العبد إذا تاب رد عليه ما بطل من عمله وجعل بدل سيئاته حسنات فقال تعالى: {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ}[الفرقان: ٧٠].
  وقال في الكشاف: فإن قلت: ما معنى مضاعفة العذاب وإبدال الحسنات بالسيئات؟
  قلت: إذا ارتكب المشرك معاصي مع الشرك عذب على الشرك وعلى المعاصي جميعاً فتضاعف العقوبة بمضاعفة المعاقب عليه، وإبدال الحسنات بالسيئات أن يمحوها بالتوبة ويثبت مكانها الحسنات الإيمان والطاعة والتقوى.
  قلت: ومثل هذا ذكره الحسين بن القاسم العياني # في تفسيره، قال: لأن السيئة لا ترجع حسنة أبداً.
  ويحتمل أن يراد بمضاعفة العذاب شدته وعظمه لأن الآية في المشرك والفاسق وأن تبقى الآية على ظاهرها لأن ندمه قد وقع عن كل معصية ارتكبها.
  فإن قيل: يلزم على ظاهر الآية التساوي بين رجل بارز الله تعالى بأنواع الكفر والعصيان ثم تاب ومات، ورجل فعل معصية واحدة ثم تاب ومات، بل الأكثر