(باب التوبة)
  عصياناً أكثر ثواباً لأن الله تعالى يبدل مكان سيئاته حسنات.
  قلنا: قد أخبرنا الله سبحانه أنه يبدل السيئات حسنات ولا ملجئ لتأويل ذلك إن سلمنا الاستواء والله أعلم.
  وقد حكى هذا التأويل الإمام محمد بن المطهر في عقود العقيان وغيره عن زين العابدين # وسلمان الفارسي وسعيد بن المسيب وأكده واحتج له بأخبار رواها منها أنه ÷ أتاه رجل فقال: يا رسول الله أرأيت رجلاً عمل الذنوب كلها ولم يترك منها شيئاً إلى قوله: هل لذلك من توبة؟ قال: «هل أسلمت؟» قال: أنا أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، قال: «نعم يفعل الخيرات ويترك السيئات يجعلهن الله خيرات كلهن»(١) فقال: الله أكبر، فما زال يكبر حتى توارى.
  واعلم أن من فعل معصية ثم تاب عنها سقط عنه عقابها فإذا نقض التوبة وعاد إلى تلك المعصية:
  فقالت البصرية وأبو القاسم البلخي: لا يعود.
  وقال بشر بن المعتمر: بل يعود.
  وجه قول البصرية: أن الفعل الأول قد بطل بالتوبة فصار كأن لم يكن فلو عاد عقابه لما كان سببه إلا الفعل الثاني فيصير كأنه يستحق عقابين على فعل معصية واحدة.
  ووجه قول بشر أن الموجب لارتفاعه هو التوبة وقد زالت التوبة فيعود.
  وأما وجه قول أبي القاسم فهو: أن إسقاط العقاب عند التوبة تفضل عنده
(١) رواه الطبراني في الكبير عن أبي طويل شطب الممدود، والخطيب في تاريخ بغداد عنه، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني عنه، وأبو نعيم في معرفة الصحابة عنه، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب، ورواه ابن عبدالبر في الاستيعاب، وغيرهم.