شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

كتاب المنزلة بين المنزلتين

صفحة 181 - الجزء 4

  فلا يجوز الرجوع فيه بعد بطلان التوبة.

  وأما من فعل طاعات ثم فعل كبيرة محبطة وتاب بعد ذلك فإنه لا يعود ثواب تلك الطاعات التي قد انحبط وبطل. هذا قول الأكثر واختاره أبو هاشم وقد أشار إليه الإما م # بقوله:

  (قيل: ويعود بالتوبة ما أحبطته المعصية) من ثواب الحسنات هذا القول لأبي القاسم البلخي وأبي بكر النجاري من أصحاب أبي هاشم وبشر بن المعتمر من البغدادية، ويدل عليه كلام الناصر # فيما سبق حيث قال: أعلمنا الله ... إلخ فقال هؤلاء: يعود الثواب الذي كان قد انحبط بفعل المعصية.

  قالوا: لأن انحباطه عقاب وقد سقط العقاب بالتوبة فيلزم أن يعود الثواب وإلا لم تكن التوبة مسقطة لجميع عقابه وهو خلاف المعلوم.

  قلنا: لا نسلم أن إحباط الثواب عقاب لأن العقاب هو الآلام الواقعة على جهة الإهانة، ثم وإن سلمنا أنه عقاب فالمعلوم أن المراد بقولنا إن التوبة تسقط العقاب هو العقاب المترقب لا الماضي فإن الكافر والفاسق إذا عجل الله لهما بعض عقوبة في الدنيا ثم تابا فالمعلوم أن عقابهما الذي قد عجل لهما مضى وتقضى فلا يمكن أن تسقطه التوبة كذلك الثواب الذي ذكروه قد انحبط وبطل ولا وجه يقتضي رجوعه.

  (و) أيضاً فإنه (لا دليل على ذلك) أي على قولهم برجوع الثواب.

  قال الحسين بن القاسم بن علي # في جواب من سأله: وسألت عن رجل أطاع الله وقتاً ثم عصاه ثم تاب إلى الله ومات على تقواه هل يثاب على الطاعة التي كفر بعدها أم تبطل ولا يثاب عليها؟

  والجواب: أنه لا يثاب على شيء قد أفسده وأبطله ولكن الله قد غفر له وتاب عليه وقبله.