شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

كتاب المنزلة بين المنزلتين

صفحة 183 - الجزء 4

  يتجدد له ثوابها في المستقبل.

  قلنا: لا سواء فإن الطاعات المنحبط ثوابها باقية في أنفسها إذ سقوط ثوابها في الماضي بالموازنة بينه وبين عقاب المعصية وذلك لا يصيرها كالمعدومة بخلاف سقوط المعصية بالتوبة فليس بالموازنة بل بالتوبة صارت المعصية كالمعدومة لما مر أنها تحتها حتاً فبطلت تلك المعصية في الحال والمآل.

  قلت: وهذا الجواب إنما يستقيم على قول أهل الموازنة وقد مر أن الإحباط والتكفير ليس بالموازنة ويلزم أهل الموازنة أن يكون تكفير السيئات بالتوبة بالموازنة وهم لا يقولون به وإلا فما الفارق ولا يجدون إلى الفرق سبيلاً وقولُهم إنه منع من الموازنة في حق التائب لزوم كون ثوابه أعظم من ثواب النبوءة بدليل أن التوبة تسقط الشرك وأن ثواب النبوءة لا يسقط الشرك لقوله تعالى: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ}⁣[الزمر: ٦٥]، حجةٌ لنا في عدم الموازنة.

  ثم نقول: وما دليلكم على أن ثواب الطاعة إنما حصلت كثرته بتزايد الأوقات وأنه لم يعده الله تعالى كثيراً من غير مرور الأزمان لأن الله سبحانه لم يخبرنا بذلك بل أخبرنا أنه أعده كثيراً دائماً غير منقطع من غير نظر إلى زمان.

  وقال الشيخ أبو القاسم البلخي: لا يجب قبول التوبة على الله تعالى ولا أن يسقط بها عقاب حتى لو عوقب تائب لم يكن ظلماً.

  قال: وإنما لا يعاقبه إذا تاب لأنه أصلح لا لأجل كون التوبة تسقط العقاب.

  قال الإمام المهدي #: وهذا بناء على أصله إن إثابة المطيعين لا تجب على الله تعالى لأن الطاعات منهم مستحقة لأجل ما له عليهم من النعم، والعقاب عنده لا يستحق بالمعصية بل يفعله الله لكونه أصلح فيجب فعله.