شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل):

صفحة 203 - الجزء 4

  ولعله # أراد الرد على من أنكر حكم العقل من المجبرة لا أنه أراد # الاحتجاج على وجوب الثواب والعقاب على الله سبحانه لأنه لا واجب على الله تعالى كما مر، ولأن الطاعات شكر لله تعالى في مقابلة النعمة وحينئذ لا يحكم العقل باستحقاق طلب المكافأة بالثواب عليها ولا يجوز أن يقال: العقاب حق لله تعالى استوفاه لأنه جل وعلا أغنى الأغنياء عن احتياجه إلى الحقوق وإنما هو حق راجع إلى المكلفين لأنه مصلحة لهم وزجر عن ارتكاب القبيح وكفران المنعم وهو قبيح عقلاً ولو لم يكن العقاب مستحقاً عقلاً لكان المكلف مغرى بالقبيح والإغراء بالقبيح قبيح.

  لا يقال: إذا قلتم إن العقاب ليس حقاً لله تعالى لكونه تعالى غنياً عن احتياجه إلى الحقوق لزم أن يكون الشكر له تعالى غير واجب على المكلف لأنه لا وجه لوجوبه إلا كونه حقاً للمالك المنعم والله سبحانه غني عن الحقوق.

  لأنا نقول: لا سواء فإن شكر المنعم حق للمنعم لا يصح إسقاطه بفطرة العقل من غير نظر إلى انتفاع المنعم بالشكر أو لا ولو أسقط المالك المنعم وجوب شكره لم يسقط فوجوب شكر المنعم متقرر في العقول من غير نظر إلى انتفاع المنعم بالشكر أو لا حتى لو قال قائل: قد أسقط المنعم عليَّ وجوب شكره لَعُدَّ جاحداً لنعمه كافراً لإحسانه وليس كذلك العقاب فإنه لا معنى لكونه حقاً لله تعالى إلا أن يعود إليه منه أي منفعة وذلك محال فثبت أن معنى كونه حقاً هو كونه مصلحة راجعة إلى المكلفين كما سبق والله سبحانه أعلم.

  وقد احتج بعض المعتزلة على أن العقل يحكم باستحقاق الثواب والعقاب بحجج فقال أبو هاشم قد ثبت عدل الله وحكمته وقد خلق فينا العلم بقبح القبيح العقلي وخلق فينا شهوته ومكننا منه وذلك يستلزم حسن المعاقبة عليه ليكون ذلك زاجراً لنا وإلا كان مغرياً بالقبيح والإغراء بالقبيح قبيح ولسنا نعني