شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل):

صفحة 205 - الجزء 4

  وتكون أدلة استحقاق العقاب عقلية محضة. انتهى.

  وهذا هو الكلام في استحقاق العقاب من جهة العقل.

  وأما استحقاقه من جهة الشرع فهو ما ثبت من أن الله تعالى توعد العصاة بالعقاب وثبت أنه عدل حكيم فلا بد أن يكون ما توعد به مستحقاً وإلا لما توعد به وذلك نحو قوله تعالى: {ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِبَغْيِهِمْ}⁣[الأنعام: ١٤٦]، وقوله تعالى: {وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ١١٨}⁣[النحل]، فلولا أنه مستحق عليهم لما سمي جزاء ولما كانوا ظالمين لأنفسهم وكافيك بقوله تعالى: {لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ}⁣[النساء: ١٦٥]، فلولا أن عقابهم على المعاصي مستحق لكانت حجتهم عليه قائمة ولو أرسل وحذر وأنذر ذكره الإمام المهدي # في الغايات.

  قال: وهذا هو الذي اعتمده بعض أصحابنا في معرفة استحقاق العقاب وزيف الدلالة العقلية وأبطلها بما قدمنا من الأسئلة.

  قال: والمختار ما ذكره قاضي القضاة، وأما استحقاق الثواب من جهة العقل فقد ذكرت البصرية من المعتزلة أن وجهه كونه واجباً على الله سبحانه لأجل حسن التكليف إذ لو لم يكن واجباً على الله مستحقاً للمطيع كوجوب الدين لقبح التكليف.

  قالوا: وأما وجوبه من جهة السمع فهو تسمية الله له أجراً وجزاء حيث قال: {فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ}⁣[النساء: ١٧٣]، وهذه العبارة تقتضي أنه كالدين لأنه قال: فيوفيهم والوفاء إنما يعبر به عما هو مستحق ولا يسمى التفضل وفاء ويقتضي أنه شيء قد علم قدره كالأجرة المعلومة ولو كان تفضلاً لم يعبر عنه بالإيفاء وكذلك تسيمته جزاء دليل واضح على كونه مستحقاً إذ التفضل لا يسمى أجراً.

  وكذلك قوله تعالى: {بِمَا صَبَرْتُمْ}⁣[الرعد: ٢٤]، وقوله: {جَزَاءً بِمَا كَانُوا