شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل):

صفحة 206 - الجزء 4

  يَعْمَلُونَ ١٧}⁣[السجدة]، كل هذه شواهد بأنه ليس بتفضل بل مستحق كالأجرة على الأعمال الشاقة. ذكره أيضاً في الغايات.

  قال: وأما ما احتج به أبو القاسم على أن الثواب تفضل فباطل بوجوه:

  أحدها: أن من أنعم على غيره ثم أمكنه استخدامه على وجه لا يشق على المنعم عليه فإنه يقبح منه أن يعدل إلى استخدامه على الوجه الشاق لأجل النعم السابقة إذ هو في ذلك بمنزلة من أنعم على غيره بألف دينار ثم جعل يضربه ضرباً عنيفاً لمكان ذلك الإحسان فكما أن العقلاء يستقبحون ذلك ببدايه عقولهم في الشاهد كذلك في الغايب إذ العلة واحدة.

  الثاني: أن من أنعم على غيره نعمة ثم إنه كلفه لأجل ذلك الاشتغال بمدحه والثناء عليه من دون وجه سوى ما سبق له من النعمة فإن العقلاء يذمونه ويقولون قد أحبط ما فعله من الإحسان وينكشف أنه لم يفعله لقصد الإحسان وإنما فعله لقصد المجازاة بالثناء.

  الثالث: أنه لو كان التكليف بالطاعات لأجل النعم السابقة لزم أن يختلف تكليف المكلفين بها لأجل اختلافهم في النعم ونحن نجد في المكلفين من هو أشق تكليفاً مع أن الإنعام عليه أقل.

  الرابع: أن الله سبحانه غير منتفع بتكليفنا الأمور الشاقة فإذا لم يكن له فيها نفع ولا لنا كان ذلك عبثاً وهو غير جائز.

  قال #: قالوا للوالد أن يستخدم ولده في مقابلة ما قد أنعم به عليه.

  قال: قلنا: لا نسلم.

  سلمنا فإن ذلك لنفع يعود إليه والباري تعالى لا ينتفع سلمنا فإنه لو أمكنه أن يجعل الخدمة غير شاقة على ولده فتركها شاقة عليه لأجل نعمه استحق الذم بلا خلاف فافترق الحالان. انتهى.