(فصل):
  وقد مر في الكلام في الألطاف أنه لا يجب على الله تعالى شيء لعباده بما مر من الأدلة وأن الطاعات شكر في مقابلة النعمة ولهذا قالت البغدادية إن الثواب لا يجب على الله تعالى ولا يستحق عليه بل معنى وجوبه وجوب جود أي جوده تعالى وكرمه يقتضي أن ينعم به علينا لا أنه حق للمطيع عليه تعالى.
  قال الإمام المهدي #: وقد قيل إن خلافه أي أبي القاسم لفظي لأنه يوافقنا أن الله سبحانه لا بد أن يفعله ولا يجوز تخلفه.
  قال: وقيل: بل خلافه معنوي لأنه يقول: إنه لو أخل به لم يستحق ذماً سبحانه وتعالى وإن الطاعات التي فعلها المطيع هي في حكم المستحقة لمكان النعمة فهي بمنزلة الشكر له فكما أن الشكر مستحق كذلك طاعة المنعم بأصول النعم وفروعها.
  وإذا كانت الطاعات مستحقة له تعالى امتثالاً لأمره وذلك الامتثال شكر على نعمته لم يستحق عليها ثواب كما لا يستحق من قضى دينه جزاء من المقضي كذلك هذا.
  قال الإمام المهدي #: والأقرب أن خلاف أبي القاسم وأصحابه معنوي.
  قال: وأما المجبرة فخلافهم هنا ظاهر فإنهم يزعمون أنا لا نستحق ثواباً على الأعمال لأنه سبحانه الفاعل لها فينا ولا تأثير لنا في وجودها فلا وجه لاستحقاق الثواب عندهم وهم مصرحون بذلك.
  قال الرازي ما معناه: إن استحقاق الثواب والعقاب إذا بني على بطلان التحسين والتقبيح العقليين ظهر بطلانه وإنما يعلم عندهم سمعاً لأجل وعد الله به لا لأجل العمل.
  قال الإمام المهدي #: ولا يبعد أن أبا القاسم البلخي يوافقهم في ذلك لأجل ما قدمنا عنه. انتهى.