شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل):

صفحة 208 - الجزء 4

  واعلم أن القول بكون الثواب مستحقاً للمكلف على الله سبحانه بفطرة العقل غير واضح على مقتضى ما ذهب إليه الإمام #، ورواه عن قدماء أهل البيت $ من أن الطاعات شكر لله تعالى في مقابلة النعم إلا أن يقال: قد ثبت أن الله سبحانه غني لا يجوز عليه الانتفاع بشيء من أفعال عباده وقد كلفهم الأمور الشاقة فلا بد أن يرجع إليهم من فعلها مصلحة لكونه تعالى عدلاً حكيماً وانتفاعه جل وعلا بأفعال عباده محال فهي وإن كانت شكراً له تعالى على نعمه لا بد أن يستحق عليها منفعة ومصلحة من جهة الجود والحكمة والعدل وإلا كان شكره تعالى عبثاً بخلاف شكر غيره من المخلوقين فإنه يرجع إلى المشكور منه انتفاع وتلذذ بالشكر، والله أعلم.

  وهذا معنى ما ذكره أمير المؤمنين # ولو كان لأحد أن يجري له ولا يجري عليه لكان ذلك خالصاً لله ø دون خلقه لقدرته على عباده ولعدله في كل ما جرى به صروف قضائه ولكنه جعل حقه على العباد أن يطيعوه وجعل جزاءهم عليه مضاعفة الثواب تفضلاً منه وتوسعاً مما هو من المزيد من أهله.

  وقوله #: أوصيكم عباد الله بتقوى الله فإنها حق الله عليكم والموجبة على الله حقكم وقوله #: إن الله سبحانه وضع الثواب على طاعته والعقاب على معصيته ذيادة لعباده عن نقمته وحياشة لهم إلى جنته.

  وقول الهادي # في كتاب البالغ المدرك وفي الحكمة التفرقة بين المطيع والعاصي وفي ذلك إيجاب الثواب والعقاب محمول على هذا المعنى والله أعلم.

  وقد أجاب الإمام # على من سأله في وجوب اللطف فقال #: والجواب والله الموفق أنهم زعموا يريد من أوجب اللطف أن ليس الغرض بالتكليف إلا التعريض إلى المنافع المستحقة في مقابلة الفعل فلو لم يفعل الله سبحانه اللطف لكان كمن صنع طعاماً للغير ولم يدعه إليه.