شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل: في حقيقة النظر و) ما يجب منه وبيان (أقسامه)

صفحة 187 - الجزء 1

  الخلق ممن قصر عن بلوغ مراتب النظر والوصول إلى حقيقته وهؤلاء هل يكونون سالمين في الآخرة أم لا؟

  فيه خلاف بين المتكلمين فالأكثر منهم على أنهم ناجون، ومنهم من قطع بهلاكهم.

  قال: والمختار عندنا أنهم ناجون؛ لأنهم مصدقون بالله تعالى وبرسوله واليوم الآخر وجازمون بصحة هذه الأمور، وإن عدموا السكون للقلب والطمأنينية له.

  المرتبة الثالثة: العلم بهذه الأصول على سبيل الجملة وهذا هو الذي يكون من أصحاب الجمل فإنهم يعلمونها بأوائل الأدلة ومبادئها وهذا كافٍ في إحراز المعرفة في حقهم فإذا علم أحدهم ما يحصل في العالم من أنواع الحوادث والأمطار وأصناف الحيوانات وأنواع الثمار والنبات، وجري الشمس والقمر واختلاف الليل والنهار وغير ذلك مما به يعلم بالضرورة أنه لا بد لهذه الأمور من صانع ومؤثر على القرب؛ لأن العلم بالصانع هو علم قريب يحصل بأدنى تأمل.

  وهكذا القول في سائر صفاته نحو القادرية والعالمية وما يجب له ويستحيل عليه فإن علمهم الجملي كافٍ في حقهم لأن الخوض في تفاصيل هذه العلوم يتعذر تحصيله على أكثر الخلق.

  المرتبة الرابعة: العلم بمقدمات النظر بحقيقة ذاته وصفاته وحكمته وصدق رسله على سبيل التفصيل وأنه تعالى واحد لا شريك له وهذه الحالة هي حالة العلماء والأفاضل الذين توصلوا بحقائق الأدلة وأنوار البراهين فحصلوا على انشراح الصدور وطمأنينة النفس، وهؤلاء هم قليلون؛ لأن معرفتهم بهذه التفاصيل بالدلائل القطعية متوقفة على معرفة شروط البراهين وكيفية ترتيبها وهي صعبة وعسيرة والزلل فيها كثير إلا على من وفقه الله تعالى.

  المرتبة الخامسة: وهي الوصول إلى معرفة ذات الله تعالى وصفاته بالعلوم الضرورية التي لا يعترضها الشك ولا يعتريها الريب وهذه هي درجة المقربين