شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل: في حقيقة النظر و) ما يجب منه وبيان (أقسامه)

صفحة 188 - الجزء 1

  وقد منع أكثر المتكلمين عن أن يكون العلم بالله ضرورياً في الدنيا مع استكمال التكليف وهذا لا مانع منه.

  ويدل عليه أمارات: أحدها: أن موضوع المعرفة في الوجوب إنما هو لأجل كونها لطفاً في الطاعات والكف عن المعاصي واللطف تختلف أحواله بحسب اختلاف الخلق فلا يمتنع في بعض المكلفين أن يكون المعلوم من حاله أن اللطف في حقه إنما هو بخلق العلم الضروري، وبعضهم المصلحة في حقه إنما هو بتحصيل العلم النظري كما يعلم اختلافهم في المصالح بالغنى والفقر والصحة والمرض.

  وثانيها أن الخوف من الله تعالى إنما هو على قدر معرفته ونحن نعلم بالضرورة اختلاف الخلق وتباينهم في خوف الله تعالى فخوف الملائكة والأنبياء ليس كخوف الأولياء والصالحين، وخوف الأولياء ليس كخوف غيرهم من سائر المكلفين فزيادة الخوف إنما هو من أجل زيادة المعرفة وقوتها وتأكيدها فلا يمتنع أن يزداد الخوف بحسب ازدياد المعرفة حتى ينتهي ذلك إلى العلم الضروري، وهذا هو مطلوبنا. انتهى ما ذكره # في الشامل.

  قلت: وكلام الإمام يحيى # في المرتبة الرابعة ليس بواضح عندي؛ لأن معرفة شروط البراهين وكيفية ترتيبها مبتدع من أهل المنطق فلا تتوقف معرفة الله سبحانه وعدله وحكمته وما يحق له جل وعلا وما يستحيل في حقه تعالى على ذلك، وحينئذ لا فرق بين المرتبة الثالثة والرابعة كما سيأتي الإشارة إليه من أن الخلق لا يحيطون بالله علماً.

  وقوله # في المرتبة الخامسة أن موضوع المعرفة في الوجوب إنما هو لأجل كونها لطفاً في الطاعات ... إلى آخره قد عرفت ما فيه بما سبق من أن وجه وجوب معرفة الله سبحانه لتوجيه الشكر إليه وقد ثبت كما سبق ذكره من أن الله سبحانه يفضل بعض المكلفين على بعض في العقول وثبت أن الله سبحانه يزيد المهتدين