(فصل):
  ما فيه من المصلحة والزجر عن القبيح والله أعلم.
  قال (أئمتنا $ وجمهور المعتزلة: ولا يجوز على الله تعالى خلف الوعيد) للعصاة بالعقاب (مطلقاً) أي لا في حق أهل الصلاة ولا في غيرهم.
  (و) روي (عن مقاتل بن سليمان وبعض أهل خراسان) أنهم قالوا: (بل وعيد الله مقطوع بتخلفه مطلقاً) أي في حق أهل الصلاة وغيرهم وهذه رواية السيد مانكديم # عنهم أن الفاسق والمشرك لا عقاب عليهما.
  (و) قال (بعض المرجئة: بل) وعيد الله (مقطوع بتخلفه في حق أهل الكبائر من أهل الصلاة فقط) أي الذين يدينون بوجوب الصلوات والتزام أحكام الإسلام وهم الفساق وهؤلاء ليسوا بمرجئة.
  وقالت الجهمية: بل ينقطع العقاب في حق الفاسق دون الكافر فيدوم عقابه.
  قال الإمام المهدي #: وهو قول الرازي وغيره من الأشعرية.
  وقال (بعض المرجئة: يجوز) خلف الوعيد (في حق أهل الصلاة فقط)، أي: قال هؤلاء بجوازه ولم يقطعوا بتخلفه وهؤلاء هم المرجئة على الحقيقة قالوا: لأن آيات الوعد والوعيد متعارضة فصار في المسألة أربعة أقوال:
  الأول قول العدلية: إنه لا يجوز خلف الوعيد مطلقاً.
  الثاني قول مقاتل وأصحابه أهل خراسان: إنه مقطوع بتخلفه مطلقاً.
  الثالث لبعض المرجئة: إنه مقطوع بتخلفه في حق أهل الكبائر من أهل الصلاة فقط. هكذا ذكره الإمام #.
  وفي الغايات اختلف المرجئة في الفساق فمنهم من قطع بأنه لا بد من عقاب بعضهم والعفو عن البعض، قال الرازي: وهو قول أكثرهم.
  ومنهم من توقف في ذلك كله فجوز العفو عن الجميع، وعقاب الجميع، والعفو عن البعض وعقاب البعض. قال الرازي: وهذا قول كثير من أصحابنا.