(فصل):
  ثبت ذلك في الكافر لزم مثله في الفاسق إذ كل واحد منهما خارج من ولاية الله إلى عداوته هكذا ذكره الإمام المهدي # في الغايات، قال: لكن عقاب الفاسق أخف من عقاب الكافر إذ الكفر أغلظ العصيان بدليل أن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء.
  ومنها: ما ورد في السنة كقوله ÷: «من تحسى سماً فهو يتحساه في نار جهنم خالداً مخلداً، ومن تردى من جبل فهو يتردى من جبل في النار خالداً مخلداً، ومن وجأ نفسه بحديدة فحديدته في يده يجأ بها بطنه في النار خالداً مخلداً»(١).
  والمعلوم أن هذه الأفعال إنما تقتضي الفسق لا الكفر. ذكر هذا الإمام المهدي # في الغايات، قال: وللمخالفين شبه عقلية وسمعية.
  أما العقلية فقال جهم: لا شك أن المعصية متناهية فكيف يستحق على المتناهي عقاباً لا يتناهى وقد قال تعالى: {فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا}[الأنعام: ١٦٠]، وغير المتناهي ليس مثلاً للمتناهي.
  قال #: قلنا: لا شك أن مثلية العقوبة للفعل غير ثابتة فظاهر الآية متروك بكل حال وإذا عدل بها عن الظاهر صارت مجازاً فنتأولها بما يوافق الأدلة القاطعة التي قدمنا لأن الواجب الجمع بين الأدلة حيث أمكن فنقول: إن المعصية وإن كانت متناهية في نفسها فلا يبعد أن تكون علة في حسن ما لا آخر
(١) أخرجه المتوكل على الله أحمد بن سليمان # في حقائق المعرفة، والمرشد بالله في الأمالي، ورواه مسلم في صحيحه، وابن ماجه في سننه روى بعضه، وروى أحمد في مسنده، والبخاري في صحيحه عن ثابت بن الضحاك وعن أبي هريرة، والنسائي في سننه، والترمذي في سننه وصحيحه، ورواه الدارمي في سننه، والبيهقي في سننه، والطبراني في الكبير والأوسط، وابن حبان في صحيحه، والطيالسي في مسنده، وعبدالرزاق في مصنفه، ومعمر بن راشد في جامعه، ورواه تمام في فوائده والبغوي في شرح السنة وغيرهم كثير.