شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل):

صفحة 221 - الجزء 4

  له من العقاب كما اقتضت حسن ما لا نهاية له من الذم والآية الكريمة إنما أراد بها أنه لا يزاد في العقاب عليها على القدر المستحق بخلاف الثواب فقد وعد بالزيادة فيه على القدر المستحق حيث قال: {وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ}⁣[النور: ٣٨]، وهذا مطابق لمعناها وسياقها وجمع بينها وبين غيرها من الأدلة.

  قلت: وتحقيقه أن عصيان المالك المنعم يعظم في القليل كما يعظم في الكثير لمكان الملك والنعمة فلما كان العاصي يستحق الذم دائماً استحق العقاب كذلك، فالمماثلة غير مقصودة لا في الكيفية ولا في المقدار.

  مثاله: ما نعلمه في الشاهد من قطع يد السارق التي ديتها خمسمائة مثقال في سرقة ما قيمته عشرة دراهم قفلة.

  وقال المرتضى # في جواب من سأله عن التخليد بالنار على ذنب واحد من كلام طويل ما لفظه: وقد أنصف الله ø خلقه وعدل بينهم في حكمه، أولا ترى أن رجلاً لو عصى الله طول عمره، ثم تاب، وأخلص، ورجع وأقلع في صحة من بدنه ومن قبل نزول الموت به أن تلك الذنوب جميعاً تحط عنه وتغفر له، وإن مات على ذلك دخل الجنة، فكذلك من ختم عمله بالمعصية لله سبحانه [وتعالى] ومات عليها حكم له بالعذاب كما حكم عند التوبة بالثواب، فهذا عين العدل والإنصاف، ولو جاز أن يدخل الجنة من مات على معصية واحدة لجاز أن يدخلها من مات على معصية ومعصيتين، ولو جاز ذلك لجاز أن يدخلها من عصى عشراً وعشرين مرة، وإذا جاز ذلك فقد بطل الوعد والوعيد، ووقع الاختلاف والفساد. انتهى.

  قال #: قالوا: لو دام عقاب الفاسق لاستوى حاله وحال الكافر.

  قلنا: لا سواء فإن عقاب الفاسق وإن دام للأدلة المذكورة فنحن نقطع بأنه أخف من عقاب الكافر ولا شك أنا نفرق بين من يُضرب في يومه عشرة أسواط