شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل):

صفحة 223 - الجزء 4

  (وهذه الآيات) التي ذكروها (ونحوها) في غفران الذنوب (مجملة) أي مطلقة (فيجب حملها على) المقيد كما هو الواجب في مثل ذلك عند علماء الأصول فتحمل على (نحو قوله تعالى: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى ٨٢}⁣[طه]، وقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ}) [التحريم: ٨]، بعد التوبة والعمل الصالح.

  (وقوله تعالى: {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا ١١٠}⁣[النساء]، و) على (نحوها) أي نحو هذه الآيات (من صرائح الآيات) التي لا إجمال فيها الدالة على أن الله تعالى يغفر الذنوب بالتوبة والاستقامة على الهدى.

  قال الإمام المهدي #: واحتج الجهمية في انقطاع عقاب الفاسق بقوله تعالى: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا ٧١ ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا ٧٢}⁣[مريم]، قالوا: فاقتضى أن المؤمنين الذين يدخلون النار يخرجون منها بعد مصيرهم فيها.

  قال: قلنا: ظاهر الآية متروك لأنه يقتضي أن الصالح والفاسق والكافر سواء في أنه لا بد من ورودهم النار بل والأنبياء لأن الخطاب للناس جميعاً فوجب حمل الآية على أن المراد المرور على الصراط الممدود على جهنم فإنه يمر عليه الناس كافة فيمضي الصالحون آمنين التهافت فيها والفجار يتهافتون ويبقون فيها جثياً.

  قلت: وسيأتي إن شاء الله تعالى أن المراد بالآية حضور الناس لجهنم وأن الصراط المذكور لا حقيقة له.

  قال #: قالوا: قال تعالى: {لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا ٢٣}⁣[النبأ]، وقد ورد أن الحقب ثمانون سنة.