(فصل):
  وصاروا فحماً وحمماً».
  قال: قلنا: لم يصح لنا هذا الخبر وهو أيضاً آحادي معارض بما قدمنا، وبقوله تعالى: {أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ ١٩}[الزمر].
  احتج المرجئة الخالصة بأن آيات الوعد والوعيد متعارضة فوجب الوقف وهذه المسألة هي مسألة الإرجاء على الحقيقة.
  قلنا: يكفي في الدلالة على بطلان الإرجاء الآيات الخاصة بأهل الكبائر من أهل الصلاة فإنها نص صريح في بطلان الإرجاء كما سبق ذكره.
  ثم نقول: وإن سلمنا تعارض العمومين فلا بد من مرجح لأحدهما على الآخر.
  قال النجري: ونحن نذكر في ذلك أربع مقدمات: إحداها: أن في اللغة ألفاظاً موضوعة للعموم.
  ثانيها: أن كون تلك الألفاظ موضوعة للعموم معلوم مقطوع به.
  وثالثها: أن دلالة تلك العمومات على مدلولاتها قطعية.
  ورابعها: أن العموم بعد تخصيصه باق على حجيته القطعية فيما بقي بعد التخصيص وكل واحدة من هذه المقدمات وإن وقع فيها اختلاف فالمخالف في أي مقدمة منها مخطئ لما سنذكره.
  أما الأولى فقد ثبت أن أسماء الشرط والجمع المعرف باللام ونحوهما ألفاظ عامة بدليل سبق العموم إلى الأذهان عند إطلاقها وصحة الاستثناء منها وغير ذلك فالمنكر كونها للعموم لا يلتفت إليه.
  وأما الثانية فإنا لما استقرينا اللغة العربية وتتبعناها وبحثنا في مفهومات تلك الألفاظ العامة واختبرناها وجدناها مفيدة للعموم وعلمنا ذلك علماً قطعياً لا تعتريه الشكوك.