شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل):

صفحة 226 - الجزء 4

  لا يقال: معاني الألفاظ إنما يعرف بالنقل فإن كان تواتراً فكيف خالف فيه كثير من الناس وهو ضروري وإن كان آحاداً فلا يفيد القطع.

  لأنا نقول: نفس الألفاظ منقولة إلينا بالتواتر، وأما معانيها فإنما علمناها بالبحث والاختبار فكان العلم بها نظرياً بواسطة النقل التواتري لنفس الألفاظ فاحتملت الخلاف كذا ذكره النجري.

  وأقول: إن العلم بكون ألفاظ العموم موضوعة للعموم ضروري من تتبع لغة العرب فمن عرف لغة العرب علمه ضرورة من غير نظر واستدلال وإنما يتطرق الوهم إلى تخصيصه في بعض الأحوال وذلك لا يخرجه عن كونه معلوماً بالضرورة لأن التخصيص أمر آخر، والله أعلم.

  وأما الثالثة: فالمخالف فيها أبو شمر فإنه قال: دلالة العموم إنما تفيد الظن لجواز أن يكون فيها استثناء أو شرط لا نعلمه.

  والدليل على بطلان قوله: إنه إذا ثبت أن العموم هو مدلول تلك الألفاظ وأن الله تعالى لا يجوز أن يخاطب بخطاب ويريد به غير ظاهره وإلا كان معمياً ملبساً ثبت أن دلالتها على المعاني قطعية غير مشكوك فيها البتة لا سيما العمومات التي لا يتعلق بها عمل بل إنما يطلب بها الاعتقاد فقط كما ذهب إليه المحققون من أهل أصول الفقه.

  وأما الرابعة: فالمخالف فيها هو الأصم وغيره من المجبرة وبعض المعتزلة فإنهم ذهبوا إلى أن العام إذا خصص بطلت حجيته وصار مجملاً يفتقر إلى البيان ودليلنا عليهم أنه إذا ثبت أن دلالة العام على مدلوله قطعية ثم خصصنا منه بعض مفرداته بدليل مخصص فإنه يجب أن تكون دلالته على الباقي بعد التخصيص قطعية كما كانت إذ لم يطرأ عليها ما يغيرها وإنما كان التغيير في المخرج منها لا في الباقي.