شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل):

صفحة 229 - الجزء 4

  (قالوا) أي من سبق ذكره من المخالفين: إن (القرآن مملوء من نحو قوله تعالى: {وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ٩٢}) [يوسف]، و {خَيْرُ الْغَافِرِينَ ١٥٥}⁣[الأعراف]، ونحو ذلك؟

  (قلنا) في الجواب عليهم: هي (مجملات) كما سبق ذكره في نظائرها (فيجب حملها على) نحو (قوله تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ ...}) الآية [التوبة: ٧١]، تمامها: ({إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ٧١}) فقيد الرحمة بما ترى من هذه القيود التي هي شروط الإيمان.

  (و) على (قوله تعالى): {قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ ١٥٦) الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ ...} الآية [الأعراف]، فبين تعالى أنه إنما يكتب الرحمة لمن عمل هذه الأعمال الصالحة (و) كذلك (نحوها من صرائح القرآن) الدالة على أن الله تعالى جعل رحمته ومغفرته لمن أطاعه لا لمن عصاه.

  (قالوا: يحسن في العقل العفو عن المسيء) كما قال الشاعر:

  وإني وإن أوعدته أو وعدته ... لمخلف إيعادي ومنجز موعدي

  فإذا كان حسناً فلا مانع منه في حق الله.

  (قلنا: لا يحسن) العفو عقلاً (حيث علم عدم إقلاعه) أي إقلاع العاصي وعدم ارتداعه من المعاصي، (ألا ترى لو أن سلطاناً عرف من عبده فعل الفاحشة مع حريمه) التي لا يرضى أن يحوم أحد حولها (وهو يعلم) أي سيده (أنه لا يرتدع) أي ذلك العبد (إن عفا عنه بل يعود إلى الفاحشة أن