(فصل): في ذكر شفاعة النبي ÷
  العفو عنه لا يحسن في العقل) قطعاً؛ إذ يكون إغراء بفعل القبيح.
  (وهم) أي الفساق (لم يقلعوا عن الإصرار) على فعل المعصية (لأن توبتهم) حين رؤية العذاب أو وقوعهم فيه (لم تكن لوجه القبح بل لما وقعوا فيه من العقاب) الأليم (و) ذلك (لقوله تعالى) في حق أهل النار جميعاً: ({وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ) وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ٢٨}[الأنعام]، وهذا قول أصدق القائلين المطلع على سرائر القلوب وضمائر الأفئدة.
  فثبت بما ذكرناه ما ذهبت إليه أئمة الزيدية وجماهير المعتزلة من خلود الفساق في النار وبطل ما ذهب إليه المرجئة ومن نحا نحوهم من أهل الأهواء والأمنية.
(فصل): في ذكر شفاعة النبي ÷
  ووجه اتصالها بما تقدم واضح.
  قال الإمام المهدي #: حقيقة الشفاعة في اللغة مشتقة من الشفع الذي هو نقيض الوتر سمي الشفيع شفيعاً لأن طالب الحاجة كان وتراً فصار بانضمام الشافع إليه شفعاً فسمي شفيعاً.
  وفي العرف: السؤال المتعلق بتحصيل منفعة أو دفع مضرة من جهة قادر على ذلك إلى غير الطالب والمطلوب.
  قلنا: السؤال يحترز من الأمر الحتم بمنفعة الغير أو الكف عن مضرته فذلك ليس بشفاعة ولا يشترط أن يكون الشفيع فوق المشفوع له في الرتبة، ألا ترى أن زوجة السلطان لو عصته وكرهته فشفع له والدها أن تحسن عشرتها إليه سمي الوالد شافعاً وإن كان دون السلطان في الرتبة، ولا كونه أبلغ حظاً من المشفوع له عند المشفوع إليه إلا في ذلك المطلوب فقط؛ إذ قد يشفع الأجنبي إلى الوالد بتحصيل منفعة لولده ولا شك أن حظ الولد عند الوالد أبلغ من حظ الأجنبي في غير ذلك المطلوب.