شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل): في ذكر شفاعة النبي ÷

صفحة 232 - الجزء 4

  وذهب بعض المعتزلة أيضاً إلى أنها تكون لمن استوت حسناته وسيئاته فيدخل الجنة بالشفاعة وقد مر إبطال استواء الحسنات والسيئات في فصل الإحباط.

  وذهبت المجبرة إلى أن الشفاعة لا تكون إلا لأهل الكبائر ليعفى عنهم ويدخلوا الجنة تفضلاً.

  قالوا: لأن موضوعها دفع المضرة فقط.

  قالوا: وإلا لزم أن يكون دعاؤنا للرسول ÷ والملائكة شفاعة لهم والإجماع منعقد على أنا غير شافعين لهم.

  قلنا: الشفاعة في اللغة ما أراد بها فاعلها الحث على المطلوب والداعي للرسول ÷ لم يقصد الحث على إكرامه ÷ لأنه يعلم أن الله تعالى مكرم له سواء طلب ذلك أم لم يطلبه وأنه لا يحصل للرسول ÷ إكرام بسبب دعائه وإنما قصد تحصيل إكرام نفسه بفعله ما أُمر به من الدعاء للرسول ÷ وطالب إكرام نفسه بامتثال الأمر ليس بشافع. كذا ذكره الإمام المهدي # في الغايات.

  قال: واعترض الرازي هذا الجواب بأن قال: لم تجمع الأمة على أن الله تعالى لا يريد إكرام رسوله لأجل سؤالنا وإذا لم يدل دليل على منع ذلك جاز وإذا جاز وقلنا إن موضوع الشفاعة جلب المنافع لزم كوننا شافعين له ÷ والأمة مجمعة على منع ذلك، فبطل كون الشفاعة من موضوعها جلب المنافع.

  قلنا: إذا صح الإجماع على أنا غير شافعين له ÷، وعلمنا من اللغة أن الشفاعة تكون لجلب النفع كدفع الضرر - كان ذلك دليلاً قاطعاً على أن الله سبحانه لا يريد إكرامه ÷ لأجل سؤالنا فبطل ما ادعاه.

  ومما يؤيد قولنا إنها في اللغة لجلب المنافع كدفع المضار ما نعلمه بتواتر النقل