(فصل): في معرفة الدليل لغة واصطلاحا
  وأنهما من شعار الدين وسيما المسلمين ولكن أخبرونا هل كلفوا بالإقرار مطلقا سواء كان حقاً أو باطلاً؟ أو كلفوا بالإقرار بالدين الحق؟
  فإن كان الأول فهو باطل قطعاً؛ لأنا نعلم ضرورة من دين صاحب الشريعة أنه ما كلف الإقرار بدينه إلا أن يكون حقاً.
  وإن كان الثاني ففيه تسليم المطلوب لأنا ما لم نعلم صحة هذا الدين بالأدلة القاطعة لا نعلم وجوب الإقرار به.
  وأيضاً الإقرار الصادر عن غير علم ولا معرفة لا يؤمن كونه كذباً وما لا يؤمن كونه كذباً فهو قبيح والله تعالى لا يكلفهم بفعل القبيح.
  وأيضاً لو كان التكليف متناولاً للإقرار من غير علم لكان يلزم أن يكون المنافقون محكوماً بإيمانهم متسحقين للثواب والحكم بإيمانهم واستحقاقهم للثواب باطل بالضرورة بدليل قوله تعالى حاكياً عنهم: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ ٨}[البقرة]، وقوله تعالى: {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ ١}[المنافقون]، فحكم سبحانه وتعالى في الآية الأولى بعدم إيمانهم، وفي الآية الثانية بتكذيبهم لما كان إقرارهم عن غير علم ولا درية فثبت أن الإقرار باللسان لا حكم له إلا إذا كان صادراً عن معرفة كما ذكرناه، فبطل ما قالوه. انتهى.
(فصل): في معرفة الدليل لغة واصطلاحاً
  وقد بين # ذلك بقوله: (والدليل لغة) أي: في لغة العرب: (المرشد)، أي: الموصل إلى المطلوب، ومنه دليل القوم في الطريق أي: الهادي لهم إلى محجتها متبعين له متقدماً أو متأخراً بأن يقول يميناً أو شمالاً كما فعلت ابنة شعيب في دلالة موسى @ وسواء كان عاقلاً أو غير عاقل كما تقول: دلني الجمل على بلد أهله.