(باب): [في ذكر القيامة]
  شتان من أضحى الحميم شرابه ... فيها ومن يسقى بنهر الكوثر
  وقال بعض الحنفية: وما يهذي به بعض القصاص من أن الكوثر حوض أو نهر فليس بشيء فكيف يمكن أن يكون جواب من يعيّر نبي الله بأنه أبتر منقطع النسل مجذوذ أن يقال: إن له حوضاً أو نهراً في الجنة، هذا لا يقال في مقابلة ذاك، وإنما أراد كثرة الأولاد والأسباط.
  ومصداق هذا أن الدنيا ملأى من عترة النبي ÷ شرقاً وغرباً وبراً وبحراً ولا تسمع بنسمة من عقب العاص بن وائل ولا ابنه اللئيم. انتهى.
  والجواب والله الموفق أن الكوثر إذا كان معناه الشيء الكثير فما المانع من أن يكون النهر الذي وردت به الأخبار الصحيحة عن النبي ÷ من ذلك الخير الكثير الذي وعد الله سبحانه به نبيه ÷ مع كثرة الأولاد والنسل فيكون الجميع من الكوثر وهو الخير الكثير، وتسمية البعض باسم الكل شائع مجازاً والله أعلم.
  ويؤيده ما رواه البخاري عن أبي بشر وعطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: الكوثر الخير الكثير الذي أعطاه الله إياه.
  قال أبو بشر: فقلت لسعيد: إن أناساً يزعمون أنه نهر في الجنة فقال سعيد: النهر الذي في الجنة من الخير الذي أعطاه الله إياه.
  الحالة السادسة عشرة: وهي الفصل الخامس في ذكر الجنة والنار وثبوتهما معلوم من الدين ضرورة فمن أنكرهما كفر والقرآن مشحون بذكرهما وذكر صفتهما وصفة أهلهما فنسأل الله الفوز بالجنة والنجاة من النار.
  قال بعض الصالحين: بدموع العينين تشرب من العينين، فيهما عينان نضاختان بساتينهما زاهرة لكن لمن تبيت عينه ساهرة، ظلهما ممدود لكن لمن لا يتعدى الحدود، نعيمهما مقيم لكن للمستقيم.