(فصل): في ذكر الحساب
  فقال: فيقال له: إن الله سبحانه إنما عنى بهذه الآية وخص بها الدنيا وما جعله الله سبحانه فيها لا الآخرة وما أعده لها.
  فإن قال: المعنى في قوله: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ} أهي شيء أم لا؟
  قيل: إن الله تبارك وتعالى إنما خاطب العرب بلغتها وما تعرفه في كلامها العرب يقول للرجل: أفسدت علينا كل شيء ولعله لم يفسد إلا شيئاً واحداً فخرج اللفظ لفظ عموم وهو لفظ خاص.
  ومن ذلك قول الله سبحانه: {وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ}[النمل: ٢٣]، ولم يكن لها لحية ولا كان لها جناحان وهذا مما ينتظمه اسم الشيء فعلى هذا المعنى يخرج الكلام وإنما حكم الله سبحانه على الدنيا بالفناء وحكم للآخرة بالبقاء فما كان في الدنيا ومنها فهو فان وما كان من أسباب الآخرة وما حكم الله به لها فهو الثابت والباقي.
[ذكر أزواج أهل الجنة وغير ذلك]
  ومما يلحق بهذه الحالة الكلام في أزواج أهل الجنة:
  قال الإمام أحمد بن سليمان #: اعلم أن الله سبحانه يزوج عبيده من إمائه يوم القيامة بمن شاء وكيف شاء، فأما من مات مؤمناً وله زوجة مؤمنة ولم تخلف بعده زوجاً فأحسب والله أعلم أنها زوجته يوم القيامة، وكذلك لو ماتت ولم يتزوج أختها ولا من يحرم عليه الجمع بينهما فإن تزوج أختها بعدها أو عمتها أو خالتها فإن زوجته في الجنة الأخرى دون الأولى، وإن مات وتزوجت بعده فهي للزوج الآخر في الجنة.
  قال: والدليل على ما قلنا به ما روى الهادي إلى الحق # في جوابه للرازي يرفعه إلى النبي ÷: أنه سئل عن زوجة المؤمن هل تكون له زوجة في الجنة إذا كانت مؤمنة؟ فقال ÷: «نعم، يجمع الله بين أهل البيت إذا كانوا