شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل): في معرفة الدليل لغة واصطلاحا

صفحة 200 - الجزء 1

  فيكون كل واحد منهما مركباً مما به المشاركة ومما به المباينة، وهذا يقتضي التركيب في صانع العالم.

  وأراد بالتركيب أن ماهيته تعالى عن ذلك تكون مركبة من جنس وفصل.

  فيقال له: هذا الدليل ينبني على أن الوجود زائد على الذات، وأنت لا تقول به، ومبني على أن الوجود يوصف بالوجوب وأن وجوب الصفة مما به تقع المشاركة وإن اختلفت الصفة، وأن التعيين مما تقع به المخالفة، وأن اجتماع ما به تقع المباينة وما به تقع المشاركة يقتضي الكثرة في الذات وأكثر هذه الأصول غير صحيحة فضلاً عن أن تكون ضرورية يوضحه أنه أورد للفلاسفة من الأسئلة على هذه الأصول ما لم يحسن الجواب عنه أظهرها أن قالوا: أو ليس علم الله وقدرته قديمة وواجبة الوجود في الأزل فقد صار واجب الوجود أكثر من واحد فيلزم الكثرة في ذات الباري تعالى أو حدوث هذه المعاني.

  قال: وهذا سؤال صعب وهو مما نستخير الله فيه ثم استدل على ثبوت الصانع بأن العالم ممكن الوجود لذاته وكل ممكن الوجود لذاته محتاج إلى المؤثر، وبنى ذلك على أن وقوع الممكن لا بد له من مرجح، وادعى الضرورة في ذلك وهو قد ذكر في غير موضع من كتاب النهاية وكتاب الأربعين أن أحد الممكنين قد يقع لا لمرجح ومثَّله بأن القادر يقع أحد مقدوريه لا لمرجح وأن الجائع يأكل أحد الرغيفين لا لمرجح. ومن أحد جوانب المائدة دون الآخر لا لمرجح وكذلك الهارب إذا عنَّ له طريقان ونحو ذلك فكيف يدعي الضرورة في خلافه ثم كيف يدعي كون هذا برهاناً وقد ألزمه الفلاسفة عليه كون العالم أزلياً وإن افتقر إلى مؤثر وكان ممكناً لذاته من حيث أن الممكن قد يحتاج إلى المؤثر حالة البقاء كمعلول العلة وألزموه أن يكون الباري جل وعلا موجباً غير مختار بما يرجع إلى مذهبه في الإرادة القديمة واستحالة خلاف المعلوم ونحو ذلك مما يلزمه على مذهبه في الجبر، وعلى ما وافقهم فيه من إبطال صحيح الأدلة.