شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل): في معرفة الدليل لغة واصطلاحا

صفحة 215 - الجزء 1

  والعقاب وغير ذلك مما لا سبيل لنا إلى العلم به إلا من جهة السمع.

  ومنها ما يمكن حصوله بواسطة أدلة العقل والسمع جميعاً وهو ما يمكن الاستدلال عليه بواسطة العقل والسمع جميعاً وهذا نحو مسألة الرؤية والوحدانية فإن العلم بهما لا يتوقف على العلم بصحة السمع.

  فائدة: قال: واعلم أنا لو قدرنا قيام الدليل العقلي على خلاف ما أشعر به ظاهر الدليل النقلي فلا خلاف بين أهل التحقيق أنه يجب تأويل الدليل النقلي وتنزيله على مقتضى العقلي لأنه إذا لم يمكن الجمع بين ظاهر النقل وبين مقتضى دليل العقل فنحن بين أمرين إما أن نكذب العقل أو نؤول النقل ولا سبيل إلى تكذيب العقل؛ لأن النقل لا يمكن إثباته إلا بواسطة العقل فإن الطريق إلى إثبات الصانع وحكمته ومعرفة النبوءة ليس إلا بالعقل فلو كذبنا العقل ورددناه لكان في الحقيقة رداً للنقل فحينئذ تصحيح النقل برد العقل يتضمن إبطال النقل وما أدى ثبوته إلى انتفائه كان باطلاً ولما بطل ذلك تعين علينا حينئذ تأويل دليل النقل عند مخالفة دليل العقل. انتهى.

  قيل: إن الاستدلال على إثباته وتوحيده تعالى بالقرآن مطلقاً هو المعلوم من الأنبياء À في جميع جواباتهم على من سألهم من مقر أو منكر كجواب موسى # على فرعون في قوله: {وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ ٢٣ قَالَ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ ٢٤}⁣[الشعراء]، وكما روي عن نبينا ÷ أنه لما سئل عن ذلك توقف حتى نزلت عليه سورة الصمد فأجاب بها على السائل.

  وأما الدور الذي ذكرتم فإنه غير لازم لأنهم قد قرروا أنها قد علمت صحة نبوة نبينا محمد ÷ وصحة مجيئه بالقرآن من عند الله ضرورة.

  والجواب: أن استدلال الأنبياء À على أممهم في وجوده وتوحيده سبحانه بما حكى الله في القرآن عنهم من نحو قوله ø: {إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ