شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل): في معرفة الدليل لغة واصطلاحا

صفحة 220 - الجزء 1

  (قلنا) في الرد عليهم: ذلك (موصل⁣(⁣١) إلى العلم) اليقين من معرفة الله سبحانه (ألا ترى أنه من وجد بناء في فلاة) أي: مفازة لا حي فيها (فإنه يعلم أن له) أي: لذلك البناء (بانياً) بناه على تلك الكيفية (وليس ذلك) أي: العلم ببانيه من طريق إخبار أحد له (إلا بالقياس على ما شاهده من المبنيات المصنوعة بحضرته) أي: بمشاهدته، وإنما علم ذلك بالقياس (لعدم المشاهدة) منه (لبانيه وعدم المخبر عنه) أي: عن بانيه، (والجامع بينهما) أي: بين البنائين (عدم الفارق) بين ما بني بمشاهدته وما بني في غيبوبته ولم يخبر ببانيه.

  قلت: وقد عرفت أنهم جعلوا العلم بذلك ضرورياً أوَّلياً لا قياساً، لا أنهم أنكروا كونه مفيداً للعلم.

  (ولوروده) أي: القياس العقلي (في السمع) أي: ورود السمع بالتنبيه على الاستدلال به على ثبوته تعالى (كقوله تعالى: {قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ) وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ ٧٩}⁣[يس] (ونحوها) مثل قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ ٥ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ٦ وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ ٧}⁣[الحج]، فإن في هاتين الآيتين دلالة وتنبيهاً على القياس العقلي وهو قياس النشأة الأخرى إن وقع فيها الريب على النشأة الأولى، وعلى الأرض الميتة وهي الغبراء التي لا نبات بها ولا شجر فإنه إذا نزل الماء عليها بإذن الله


(١) وعبارة المتن: يوصل.