(فصل) في ذكر المؤثر وما اصطلح على تأثيره وهو غير مؤثر
  القسم الرابع: لا يوجب لمحله لا حالة ولا حكماً عندهم وهذا نحو المدركات من الأعراض فإنها لا توجب عندهم البتة لا حالة ولا حكماً.
  قال: والمختار عندنا أن العلة والمعلول لا حقيقة لهما ولا ثبوت وأن السواد هو نفس السوادية وأن الكون هو نفس الكائنية وأن القدرة هي نفس القادرية. انتهى.
  قلت: وروى الإمام المهدي # عن أبي القاسم البلخي أنه لا يجعل العلل العقلية مؤثرة حقيقة كقول البهشمية بل كالعلل الشرعية.
  وقالوا أيضاً: العلة ذات تؤثر صفة أو حكماً ولا طريق إلى وجود العلة إلا حصول الصفة الموجَبة عنها أو الحكم على سبيل الجواز والحال واحد والشرط واحد.
  ومن هذا قولهم في صفات الله تعالى: إنها مقتضاة عن الذات عند أبي علي وأتباعه، أو عن الصفة الأخص عند أبي هاشم وأتباعه، فجعلوا ذاته تعالى أو الصفة الأخص كالعلة ولم يصرحوا بذلك.
  قال السيد مانكديم في شرح الأصول في الرد على المجبرة: والأصل في الجواب عن ذلك أنهم إنما يوردون هذه الشبهة لاعتقادهم الخطأ فينا أنا سلكنا في قولنا: إنه عالم لذاته طريقة التعليل وجعلنا ذاته تعالى كالعلة في هذه الصفة، وليس الأمر كما ظنوه فإن غرضنا نفي التعليل، وأن ذاته كاف في حصول الصفة ولا يحتاج إلى شيء آخر، وصار الحال في ذلك كالحال في الجوهر أنه جوهر لذاته على أن ذاته كاف في ذلك وأن به يقع الاستغناء عما عداه فكيف يصح كلامهم. انتهى.
  وقال الحاكم في شرح العيون: ونحن لا نقول: إن ذاته موجبة لكونه عالماً كما أن العلم يوجب كون العالِم عالِماً وإنما نريد أنه اختص بهذه الصفة على وجه بان بها من سائر العالمين، وأنه لا يحتاج في استحقاقه إلى معنى.