(فصل) في ذكر المؤثر وما اصطلح على تأثيره وهو غير مؤثر
  إلى أن قال: على أنا لو سلمنا أن ذاته موجبة لم يجب أن تكون من قبيل العلم؛ لأن العلم يوجب الصفة لغيره، وذاته لا توجب الصفة لغيره، فلما اختلفا في التعلق جاز أن يختلفا في النفس. انتهى.
  قلت: الذي ألزمهم المجبرة من التعليل لازم لهم أما الذين أثبتوا الصفة الأخص فواضح؛ لأنها عندهم هي المقتضية لصفاته تعالى بزعمهم أي: موجبة لها فالصفة الأخص مقتضية والصفات مقتضاة عنها، وهذا صريح في التعليل، ولا يمكنهم إنكاره.
  وأما من لم يثبت الصفة الأخص واكتفى بمجرد الذات فإنما مراده أن الذات كافية في استحقاقه تعالى لصفاته وفي اقتضائها لها من غير إثبات معان كما تقوله المجبرة فالذات على هذا كالعلة في استحقاق الصفات.
  ولو أنكروا هذا فهو لازم لهم؛ لأنهم لم يجعلوا صفاته تعالى هي ذاته كما هو مذهب أهل البيت $ كما سيأتي تحقيقه إن شاء الله تعالى.
  يوضحه قولهم فيما تقدم: وصار الحال في ذلك كالحال في الجوهر أنه جوهر لذاته على معنى أن ذاته كاف في ذلك، ومعناه أن ذاته أوجبت له الجوهرية وأغنت في العلية عن إثبات غيرها لأن الجوهرية عندهم أمر زائد على ذات الجوهر فافهمه.
  وأيضاً فإنهم كافة يقولون إنه تعالى واجب الوجود ومعناه عندهم أن ذاته أوجبت وجوده لأن الوجوب إنما يكون للعلة والمعلول.
  وأيضاً فقد حكى الإمام يحيى # عنهم في الشامل ما لفظه: ذهب جماهير المعتزلة من أصحاب أبي هاشم إلى أن القادرية حالة زائدة على ذات القادر وأن صحة الفعل أمر إضافي وهذه الحالة هي المقتضية لهذه الصحة وهذه القادرية عندهم معللة بالذات في حق الله تعالى وبالقدرة في حق الواحد منا. انتهى.
  قالوا: وحقيقة الصفة بالمعنى العام كل مزية للذات تعلم لا بانفرادها وقد