(فصل) في ذكر المؤثر وما اصطلح على تأثيره وهو غير مؤثر
  وقوله #: (فإنه) أي: الوجود (شرط في تأثير المؤثرات) كما ذكرناه الآن بزعمهم إذ لا تأثير لمعدوم.
  (وشرطه) أي: شرط الشرط: (أن لا يكون مؤثِّراً - بالكسر ـ) أي: بكسر المثلثة (في وجوب المؤثَّر - بالفتح ـ) أي: بفتحها، وإنما هو شرط مصحح لتأثير المؤثر كما ذكر، ولا تأثير له في وجوب الجوهرية ولا التحيزية؛ إذ التأثير في التحيز للجوهرية وفي الجوهرية للجوهر في المثال المذكور ولهذا صح عندهم وجود الشرط ولم يحصل المشروط كوجود الباري تعالى فإنه لا يلزم من وجوده لا جوهرية ولا تحيز مع أن الجوهرية والتحيز يشترط فيهما وجود الجوهر المقتضي للجوهرية والتحيز.
  (و) الثاني مما يجري مجرى المؤثر (الداعي)، وحقيقته في الاصطلاح عندهم: «ما يرجح وجود الفعل على عدمه وليس بمؤثر فيه» وهو (عندهم ضربان): الأول: (حاجي) أي: تدعو إليه الحاجة، (و) الثاني: (حِكْمِي) بكسر الحاء المهملة، أي: تدعو إليه الحكمة ولا ثالث لهما.
  قال الحاكم: ولا خلاف في داعي الحاجة، وأما داعي الحكمة فثابت عندنا في العباد وأما القديم تعالى فيفعل لداعي الحكمة فقط ولا يجوز عليه داعي الحاجة.
  وقالت المجبرة: يفعل الله تعالى لا لداعي. انتهى.
  قلت: الأولى أنه لا يجوز إطلاق لفظ داعي على الله سبحانه؛ لأنه من المجاز الموهم للخطأ كما قال السيد حميدان # في كتاب التصريح حيث رد على من قال من المعتزلة إن المؤثر في استمرار بقاء العالم هو داعي حكمة الباري سبحانه وتعالى فقال: إن ذلك موجب لتوهم ثبوت حكيم وحكمة وداعي حكمة وذلك تقسيم وتعديد وتحديد لا يجوز وصف الله سبحانه به ولا إضافته إليه. انتهى.
  (فالأول) أي: الحاجي (العلم) أي: علم العاقل (أو الظن) أي: ظنه (بحسن الفعل لجلب نفع النفس) كالأكل (أو دفع الضرر عنها) كالفرار من