شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل) في ذكر المؤثر وما اصطلح على تأثيره وهو غير مؤثر

صفحة 235 - الجزء 1

  بين صفة الله وبين سائر أوصاف المخلوقين بما يدل على بطلان المشاركة بينه سبحانه وبينهم فقال: «وهذا الباب من خلافه سبحانه لأجزاء الأشياء كلها فيما يدرك من فروع الأشياء جميعاً وأصلها فما لا يوجد أبداً إلا بين الأشياء وبينه ولا يوصف بها أبداً غيره سبحانه، وهي الصفة التي لا يشاركه سبحانه فيها مشارك ولا يملكها عليه تعالى مالك، ولا يعم الأشياء اختلاف عمومه ولا تصحح أبداً الألباب إلا لله سبحانه معلومة؛ لأنه وإن وقع بين الأشياء ما وقع من الاختلاف فليس يوجد واقعاً إلا بين ذوات الأوصاف وكل واحد منها وإن خالف غيره في صفة فقد يوافقه في صفة أخرى كان مما يعقل أو كان مما يلمس ويرى. انتهى كلامه #.


= اجتمعنا في الموسم، فتشاكينا ما مرَّ بنا فقال القاسم #: أشد ما مرَّ عليَّ أني لما خرجت من مكة أريد اليمن في مفازة لا ماء فيها، ومعي بنت عمي زوجتي وبها حبل، فجاءها المخاض في ذلك الوقت، فحفرت لها حفرة لتتولى أمر نفسها وضربت في الأرض أطلب الماء لها، فرجعت إليها وقد ولدت غلاماً، فأجهدها العطش، فرجعت [إليها] وقد ماتت، والولد حي، فكان بقاء الولد أشد عليَّ من وفاة أمه، فصليت ركعتين، ودعوت الله أن يقبضه، فما فرغت من دعائي حتى مات. وكان قد ورد الكوفة في بعض الأوقات، واجتمع معه هناك في دار محمد بن منصور: أحمد بن عيسى بن زيد فقيه آل رسول اللّه صلى اللّه عليه وعلى آله وعابدهم، وعبد اللّه بن موسى بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن الفاضل الزاهد، والحسن بن يحيى بن الحسين بن زيد، وكانت فضيلة السبق انتهت إلى هؤلاء من جملة أعيان العترة، فاختاروا القاسم # للإمامة وقدموه على أنفسهم، وبايعوه، وذلك في سنة عشرين ومائتين. وروى الإمام المنصور [بالله #]: أن المأمون توصل بمن قدر عليه في أن يصافيه، ويأمن جانبه فأبى ذلك أشد الإباء، وأمر إليه بوقر سبعة أبغل دنانير على أن يأخذها، ويجيب عن كتابه، أو يبتديه بكتاب، فكره ذلك وردَّ المال، وعن أبي عبد اللّه الفارسي قال: حججنا مع القاسم بن إبراهيم #، فاستيقظت في بعض الليل وافتقدته، فخرجت وأتيت المسجد الحرام؛ فإذا أنا به وراء المقام لاطئاً بالأرض ساجدا، وقد بل الثرى بدموعه، وهو يقول: إلهي من أنا فتعذبني، فواللّه ما يشين ملكك معصيتي، ولا يزين ملكك طاعتي. وكان # انتقل إلى الرَّس في آخر أيامه، وتوفي بها ودفن فيها. (التحف والمصابيح والإفادة ومآثر الأبرار وغيرها باختصار).