(فصل): في ذكر حقيقة الحد
  على استعمال الحدود إذا أرادوا حد الإنسان: (الإنسان حيوان ناطق) وقد ذكرنا قولهم فيه في فصل التصديق والتصور فلا حاجة لإعادته.
  وقال السيد حميدان # في كتاب تنبيه الغافلين: فالحقائق على ضربين: عرفية عامة لا اختلاف فيها نحو أن يقال: ما هو الجسم؟ فيجاب: بأنه ما يصح أن يرى، أو ما يشغل الجهة أو نحو ذلك.
  والثانية اصطلاحية مبدعة مختلف في صحتها لأجل كونها مما يقع فيها وبها الغلط والاستغلاط وكيفيتها أن يوصف الاسم الذي هو جنس متنوع بوصفين: أحدهما عام له ولغيره، والثاني خاص له دون غيره ليكون فاصلاً له عن غيره.
  قالوا: ومما يدل على صحة هذا الحد هو كونه من جنس وفصل، ويجمع ويمنع ويطرد وينعكس.
  ومثال ذلك: تحديدهم للخمر بأنه: كل شراب مسكر، وعكس هذه الحقيقة هو أن يقال: وكل شراب مسكر فهو خمر، فتأمل طول هذا الشرح الذي ادعت الفلاسفة ومن حذا حذوهم من المعتزلة أنه يدل على صحة الحد.
  وأن صحة الحد تدل على صحة المحدود وهذا تدليس ظاهر لمن تأمله لأنه ما من بدعة مستحيلة إلا ويمكن أن يصح لها حد جامع لهذه الشروط مثاله: النور الذي تعبده المجوس فإنهم يمكنهم أن يقولوا: هو كل إله يفعل الخير، فقولهم إله وصف جامع له وللظلمة وقولهم يفعل الخير وصف خاص له يفصله منها.
  وعكسه أن يقال: وكل إله يفعل الخير فهو نور، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً.
  إلى أن قال: وهذه الاصطلاحية منها ما يصح في اللفظ والمعنى، ومنها ما لا يصح في اللفظ ولا في المعنى، ومنها ما يصح في اللفظ دون المعنى، ومنها ما يصح في المعنى دون اللفظ، وقد مثلها # في كتابه.
  (ويرادفه) أي: يرادف الحد (لفظ الحقيقة والماهية) أي: حقيقة الشيء