شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل): [في حدوث العالم]

صفحة 266 - الجزء 1

  ومما يتعلق بذلك الكلام في الهواء وكونه مكاناً لكل الأشياء، وقد أجاب المرتضى محمد بن يحيى @ من سأله عن السماوات والأرض أهما في مكان؟

  فقال #: سألت أرشدك الله وهداك، وأعانك وكفاك، عن الحجة على من قال: إنكم احتججتم علينا في التشبيه أنكم قلتم إن الجسم لا يكون إلا في مكان فأخبرونا عن السماء والأرض أهما في مكان أم لا؟

  قال: فإن قلنا: هما في مكان أيضاً قال: فهل للمكان مكان؟

  قال: فإن قلنا ذلك أوجبنا أن الأشياء لا نهاية لها ولا غاية.

  وإن قلنا: إنهما لا في مكان، فما الذي أنكرنا من مقالتهم؟

  قلت: فالدليل على كسر مقالتهم كيف هو وما هو؟ وما الجواب في ذلك؟

  قال محمد بن يحيى #: الجواب فيه كثير ونحن نختصر ذلك بعون الله نقول: إن الله ø كان ولا مكان وهو الجاعل لكل مكان، فلو قلنا إنه لم يزل مع الله مكان لأوجبنا أنه لم يزل معه قديماً أزلياً، ولو قال بذلك قائل لأبطل التوحيد لأنه لا يخلو المكان من أن يكون سابقاً لله ø فقد أوجبوا أن يكون معه ما هو أقدم منه، ومن قال بذلك فقد كفر وجعل شيئاً من غير خلق الله موجوداً.

  وإن قالوا: إن المكان من خلق الله وهو الجاعل له فقد كان سبحانه ولا مكان تعالى الله عما يقول المبطلون والمشبهون علواً كبيراً، ولكن الله سبحانه خلق الهواء وجعله مكاناً للأرض والسماء، ثم ليس بعدهما ما يقع عليه اسم شيء من الأشياء فهذه حجة قاطعة لهم.

  والدليل على ذلك قول الله سبحانه: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ ٣٨}⁣[ق]، فذكر ø خلق السماوات والأرض وما بينهما ولم يذكر خلقاً بعدهما ولو كان له خلق سواهما لذكره كما ذكرهما، وما خلق بينهما، ولا يقال بينهن إلا لما تقابلن عليه وحوينه وحال بين أطباقهن وحَدَدْنه بكونه فيهن ولو كان بعد الأرض السابعة والسماء