(فصل): [في حدوث العالم]
  السابعة شيء لقال: وما بينهن وما فوقهن وما تحتهن، فلم يذكر سبحانه شيئاً خلقه إلا السماوات والأرضين وما بينهن لا غير ذلك من الأشياء سبحانه وتعالى.
  فإن قال قائل: وإذا قلت: إن الأرض والسماء أقيمتا في الهواء ففيم أقيم الهواء؟
  قيل له: في غير شيء من الأشياء أقامه الخالق لجميع ما برأ فهو سبحانه المقيم له في غير مكان إذ هو ø القادر على ما أراده.
  فإن قال: لا بد أن يكون الهواء في مكان.
  قيل له: وكذلك المكان لا بد له من مكان، وكذلك المكان أيضاً لا بد له من مكان، وإذا كان ذلك كذلك كان إلى غير نهاية، وبطل القول وبان الفساد، وصار بلا شك نائياً عن السداد؛ لأنه لا يكون على قوله مكان حتى يتقدمه مكان، وإذا كان لا يكون متقدماً حتى يتقدم متقدم لم يكن إذاً شيء يدرك أوليس الذي خلق الأشياء من غير شيء قادراً أن يفيض الهواء في غير شيء بلى وهو على كل شيء قدير. انتهى
  واعلم أن حدوث العالم هو قول أكثر الناس من أهل الإسلام وأهل الكفر كالكتابيين والبراهمة وبعض عباد الأصنام وغيرهم.
  قال #: (خلافاً لبعض أهل الملل الكفرية) وهم الدهرية بفتح الدال: نسبة إلى الدهر لقولهم بقدمه، والدهر هو حركات الأفلاك، وأما الدُّهري بضم الدال فهو الرجل الذي كبر سنه وتطاول عليه الدهر.
  وكلامهم إنما هو في الأجسام أنفسها، وأما تراكيبها فلا خلاف في حدوث الأكثر منها.
  وقال القرشي: اتفق الناس على أنه لا بد للعالم من مؤثرٍ مّا، ثم اختلفوا: فقال أهل الإسلام والكتابيون والبراهمة وبعض عباد الأصنام: إنه فاعل مختار، وبه قالت المطرفية لكن زعموا أنه لا يؤثر إلا في الأصول الأربعة التي هي الهواء والماء والأرض والنار.