شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

[ذكر بعض الأدلة على حدوث العالم]

صفحة 269 - الجزء 1

[ذكر بعض الأدلة على حدوث العالم]

  (لنا) على حدوث العالم أدلة كثيرة عقلية وسمعية مثيرة لدفائن العقول معلومة لجميع من يصح منه العلم منها ما نبه الله عليه في: (قوله تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ}⁣[البقرة: ١٦٤])، ففي هذه الآية الكريمة من الآيات الباهرة والدلائل الظاهرة التي توصل إلى العلم واليقين من معرفة حدوثه ومعرفة محدثه وهو الله سبحانه وتعالى بأبين التبيين.

  و (بيان الاستدلال بها) على ذلك: (أما السماوات والأرض) التي بدأ الله بذكرهما لكونهما أعظم المخلوقات في طريق الاعتبار وأبينها، ولِما اشتملا عليه من الأجرام العظيمة وكونهما محلاً لليل والنهار وغير ذلك، (فإنا نظرنا) أي: تفكرنا (في خلقهما) وبديع صنعهما (فوجدناهما لم ينفكا عن إمكان الزيادة والنقصان) أي: لم يفارقا إمكان الزيادة والنقصان أي: يحكم العاقل بفطرة عقله بإمكان الزيادة فيهما والنقصان منهما ولا يحيله أي: لا يحكم بفطرة عقله أنه يستحيل إمكان الزيادة والنقصان فيهما ويحكم أيضاً أنهما لم ينفكا عن ذلك الإمكان أي: ذلك الإمكان ملازمٌ لهما.

  (و) يحكم أيضاً بفطرة عقله أنهما لم ينفكا عن إمكان (التحويل والتبديل) بأن يجعل بعض منهما مكان بعض، (و) عن إمكان (الجمع بينهما) أي: بين السماوات والأرض بأن تنضم إحداهما إلى الأخرى ويتلاصقا.

  (و) عن إمكان (تفريق كل منهما) أي: من السماوات والأرض بالتقطيع والتجزئة لمعرفتنا بحدهما المعلوم عندنا والمعلوم ضرورة أن كل ذي حد يمكن الزيادة فيه والنقصان منه وتحويله وتبديله ممن قدرته تعلق بذلك ولم يحكم