شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

[ذكر بعض الأدلة على حدوث العالم]

صفحة 270 - الجزء 1

  العاقل بفطرة عقله بإمكان ذلك كله ولم يعقله إلا لكونهما مقدورين ولا يكونان مقدورين إلا بعد تقدم القادر عليهما فثبت كونهما مقدورين محدثين؛ إذ لو لم يكونا مقدورين محدثين لم يحكم العقل بإمكان ذلك كله ولم يعقله.

  بيانه قوله #: (فهما) أي: السماوات والأرض (مع ذلك الإمكان) المذكور لا تخلو حالهما (إما) أن يقال: هما (قديمتان) لا أول لوجودهما (أو محدثتان) سبقهما عدمهما ومحدثهما ولا ثالث لهما يعقل.

  (ليس الأول) وهو أن يقال: هما قديمتان؛ (لأنا قد علمنا ضرورة أنهما لا يُعقَلان منفكَّين عنه) أي: عن ذلك الإمكان لمعرفتنا بأن لهما حدوداً، وكل ذي حد لا يختلف العقلاء في تعلق قدرة القادر عليه بالزيادة والنقصان ونحوهما كما ذكرناه.

  (وكلُّ) شيء (ذي حالة لا يُعقل منفكاً عن حالته) تلك التي لم يعقل إلا عليها (يستحيل ثبوته) أي: لا يعقل كونه (منفكاً عنها) أي: عن حالته التي لم يعقل إلا عليها؛ لأنها حالة لازمة له (كالعمارة) وهي ضم الأحجار بعضها إلى بعض (فإنه يستحيل وجودها منفكة عن إمكانها) لأنها لا تعقل إلا ممكنة وما ذاك إلا لتقدم صانعها وكونها مما تعلق بها قدرته.

  (وكالمستحيل) من الأشياء فإن له حالة وهو كونه لا يمكن وجوده فإذا كان كذلك (فإنه يستحيل تخلفه عن عدم إمكانه) لأنه لا يعقل إلا لازماً لعدم الإمكان.

  (فلو كانتا قديمتين لكانتا قد تخلفتا عن ذلك الإمكان) الذي تقدم ذكره؛ وذلك (لأن الإمكان لا يكون إلا مع التمكن منها) أي: مع التمكن من الزيادة والنقصان، والتحويل والتبديل ونحو ذلك (والتمكن) من ذلك (لا يكون إلا بعد) أن وقعت (صحة الفعل)؛ لأنه لو كان الفعل لا يصح وقوعه لَماَ حكم العقل بالإمكان ولا التمكن.

  (وصحة الفعل لا تكون إلا بعد وجود الفاعل، وما كان) من الأشياء