شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل): [في حدوث العالم]

صفحة 273 - الجزء 1

  وأنواع النابتات في سهولها وحزونها ووهادها وجبالها، وفي أصناف زروعها والحبة الواحدة تنبت فيأتي منها الحب الكثير.

  وجعل سبحانه غذاء كل النابتات الماء يجري في عروقها حتى يتصل بأطرافها، وقدر ذلك في منابتها في بقاعها وقدره لها سبحانه بحسب حاجتها فمنها ما يكون في الأرض العذبة ومنها ما لا يكون إلا في الماء ومنها ما يموت في السنة موتة ثم يحييه الله في الوقت الذي يحييه فيه.

  إذا عرفت الوصف القليل مما ذكرنا في السماوات والأرض وما تضمنت كل واحدة منها (فاختلافهما) ذلك (لا يخلو إما أن يكون للعدم) أي: أثر فيه العدم، (أو لعلة) كما يزعم مثبتوها من شيء أو أمر لا فعل له ولا اختيار ولا قوة ولا قدرة بإقرارهم إن قُدِّرت وفرضت (فرضاً) على استحالة تأثيرها.

  (أو) يكون اختلافهما (لفاعل) قادر مختار عندنا وعندهم.

  (ليس) المؤثر (الأول) وهو العدم؛ (لأن العدم لا تأثير له) عند العقلاء.

  (ولا) هو (الثاني) وهو العلة المفروضة؛ (لأن تأثير العلة إيجاب بزعمهم) أي: بزعم من زعم أن العلة مؤثرة كما سبق ذكره.

  (فلو كان كذلك) أي: لو كان المؤثر هو العلة لكان تأثير إيجاب و (لوجب أن تكون السماء أرضاً والعكس) أي: الأرض سماء، (و) لوجب أن تكون (السفلى من السماوات عليا والعكس) أي: العليا سفلى وذلك واضح؛ (إذ ما جعل إحداهما أرضاً والأخرى سماء ونحو ذلك) كالسفلى عليا والعكس (بأولى من العكس؛ لعدم الاختيار) من المؤثر كما تقدم ذكره، (فثبت أنه) أي: الاختلاف المذكور (لفاعل) أثر فيه قادر مختار حي عليم حكيم.

  (ولزم تقدمه) أي: ذلك الفاعل (ضرورةَ عدمِ اختياره، وعدمِ صحة كونه فاعلاً لولا تقدمه) أي: لأجل أنه يعلم بضرورة العقل أنه لو لم يتقدم الفاعل على فعله لكان غير مختار وغير فاعل وقد ثبت كونه فاعلاً مختاراً فثبت تقدمه