(فصل): [في حدوث العالم]
  وذلك الفاعل القادر المختار الحي العليم الحكيم هو الله رب العالمين.
  (وأيضاً) أي: هذا دليل ثالث (هما) أي: السماوات والأرض (كالمبنيات) من الدور والقرى مما يعمله البشر ويضم بعضه إلى بعض؛ (إذ لم يمكن(١) الزيادة والنقصان، والتحويل والتبديل، والجمع والتفريق في المبنيات إلا لأنها محدثة) مقدورة لقادر متقدم عليها إذ لو كانت قديمة لاستحال الإمكان فيها، (والفارق) بين السماوات والأرض والمبنيات التي يبنيها البشر بالمشاهدة والعيان (معدوم)؛ إذ الجامع بينهما إمكان الزيادة والنقصان ونحو ذلك فثبت حدوثهما كحدوث سائر المبنيات.
  قال الإمام #: ودليل القياس مفيد للعلم وهو الحجة العظمى التي احتج بها الله تعالى على من جحد وكفر حيث قال ø: {وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ ٧٨ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ ٧٩}[يس]، وقال تعالى: {وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَى فَلَوْلَا تَذَكَّرُونَ ٦٢}[الواقعة]، ونحو ذلك كثير. انتهى.
  (وأما غيرهما) أي: غير السماوات والأرض (مما ذكره الله [تعالى] في سياق الآية) الكريمة وكذلك ما لم يذكر فيها من سائر المحدثات المشاهدة (فحدوثه مدرَك ضرورة) أي: بالعيان والعلم الذي لا يحتاج إلى نظر واستدلال فإن اختلاف الليل والنهار وتعاقبهما وجري الفلك بما يحدث الله سبحانه من الرياح وما أنزل الله من السماء من الرزق الذي هو المطر وما بث وأخرج في الأرض من النبات والأشجار وأنواع الحيوانات منهم من يمشي على بطنه ومنهم من يمشي على رجلين ومنهم من يمشي على أربع ومنهم من يشمي على أكثر وما صرَّف من الرياح في مهابها قبولاً ودبوراً وجنوباً وشمولاً(٢) وفي أحوالها حارة وباردة
(١) في هامش الأصل: تثبت (نخ).
(٢) الشمول الريح الشمال. ذكره في شمس العلوم. (من هامش الأصل).