(فصل): [في حدوث العالم]
  ومسير هذه النيرات السبع التي هي الشمس والقمر والزهرة والمشتري وزحل والمريخ وعطارد إلى جهة المشرق والفلك يدور بها إلى المغرب.
  إلى أن قال: ونظرنا إلى هذه الأرض وما فيها من الطول والعرض وكم عسى أن نصف مما جعل الله فيها من العجائب والأمر البديع في الغرائب قد وضع كل شيء منها في مكانه وأعد كل منها لشأنه وجملة الأمر أن كل شيء منها قد جعل لمصلحة عرفها من عرفها وجهلها من جهلها.
  إلى أن قال: ونظرنا فإذا هي على الماء مبسوطة وفي الهواء معلقة منوطة، ومما دلنا أنها على الماء مبسوطة أن البحار بها محيطة وأنها تتفجر الأنهار من خلالها ويوجد الماء أينما حفر من سهولها وجبالها قريباً وبعيداً إلا في المواضع التي لا يمكن حفرها لشدتها ولبعد مائها وارتفاعها، وقد قال الله تعالى: {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ}[هود: ٧].
  ومما يدل على أنها في الهواء معلقة منوطة أنها إذا وقعت فيها زلزلة وتردت من جبالها صخرة عظيمة رجفت وتحركت وأجابت.
  ومما يدل أيضاً على أنها معلقة منوطة أنا وجدنا لها جهة واحدة وهي الجهة العليا فعلمنا أن لها جهة سفلى وهي حدها الأسفل ولا يكون شيء له أعلى إلا وله أسفل، وقدام وخلف، ويمين وشمال.
  قلت: وقريب مما ذكره # في الأرض ذكره القاسم # في الدليل الكبير حيث قال: فإن قال قائل: فما جعل من الأثقال عليها والجبال لا يزيدها إلا ثقلاً وكلما ازداد ثقله هوى وذهب سفلاً فنحن إذاً نهوي سافلين وقد نرانا بالعيان عالين، فهذا من القول تناقض واختلاف لا يصح لذي لب به قرار ولا اعتراف.
  قلنا: قد قيل فيما تحت الأرض وما يحملها ويمسكها بحيث هي ويقلها أقوال كثيرة غير واحدة قالتها فرق ملحدة وغير ملحدة فمنهم من قال: تحت الأرض خلاء، ومنهم من قال تحتها هواء، ومنهم من قال تحتها لج ماء، ومنهم من قال