(فصل): [في حدوث العالم]
  ليس تحتها شيء من الأشياء وهي غاية الثقل ومنتهاه.
  إلى أن قال: وقال حشو هذه الأمة المختلف الذي لا يفقه ولا يتصرف: قرار الأرض زعموا على ظهر حوت ونعتوا حوتهم ذلك بألوان من النعوت.
  وأشبه هذه الأقوال عندنا بالحق وأقرب ما قيل به فيها من الصدق أن يكون ما تحت الأرض خلاء منفهقاً وهواء من الأهوية منحقفاً، ليس فيهما لسالكهما رد يرده، ولا للمقبل والمدبر فيهما صدٌّ يصده(١)؛ لقول الله سبحانه: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ٣٣}[الأنبياء].
  وليس أحد من الفرق كلها التي وصفنا وإن قالوا من مختلف الأقوال بما ألفنا إلا مقر لا يناكر، ومعترف لا يكابر أن الشمس والقمر يسلكان بأنفسهما أو يسلك فلكهما بهما فيما يعاين من دورهما ويرى في كل حين من مرورهما من تحت الأرض لا من فوقها ظاهر ذلك بغروب الشمس في كل يوم وشروقها لا يسلكان يميناً ولا يساراً ولا يختلف مسلكهما تحتها ليلاً ولا نهاراً ... إلى آخر كلامه # في ذلك.
  وقال علي # في نهج البلاغة في صفة الأرض: «فَجَعَلَهَا لِخَلْقِهِ مِهَاداً وَبَسَطَهَا لَهُمْ فِرَاشاً فَوْقَ بَحْرٍ لُجِّيٍّ رَاكِدٍ لَا يَجْرِي وَقَائِمٍ لَا يَسْرِي تُكَرْكِرُهُ الرِّيَاحُ الْعَوَاصِفُ وَتَمْخُضُهُ الْغَمَامُ الذَّوَارِفُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشى».
  رجع الكلام إلى تمام كلام الإمام أحمد بن سليمان #:
  قال: ونظرنا إلى خلق الإنسان فإذا لخلقه ابتداء وانتهاء في الدنيا فرأيناه نطفة
(١) هذا هو الفضاء الذي ذكره علماء الفلك اليوم، وذكروا أيضاً أن الأرض معلقة فيه سابحة ضمن المجموعة الشمسية في الفضاء، فما اكتشفه علماء الفلك اليوم بتطورهم وآلاتهم كان نجم آل الرسول - الداعي إلى الله تعالى عام تسع وتسعين ومائة للهجرة - الإمام القاسم بن إبراهيم ~ قد استنبطه وعرفه وأصاب الحق فيه، حتى إنه يستنبط من وصفه له بهذه الألفاظ أنه كان يعرف انعدام الجاذبية فيه؛ فما أدق نظر هذا الإمام! وما أغزر علمه! وكيف استطاع الوصول إلى ما وصل إليه من العلم والمعرفة؟!