شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

[فرع: في ذكر وصف الصفات]

صفحة 306 - الجزء 1

  ويقولون إن الله سبحانه لا يقدر إلا على هذه الحالات التي لا توصف بالوجود ولا العدم من جعل الذوات موجودة محدثة وأنه سبحانه لا يقدر على تحصيل الذوات وإثباتها لكونها عندهم ثابتة في الأزل كما يأتي لهم تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً.

  قال أهل هذا القول من المعتزلة: (الصفات لا توصف رأساً) أي: لا يوصف أيها لا صفات العالم ولا صفات الله.

  قلت: وذلك لأن الصفات عندهم ليست الأعراض القائمة بالأجسام وإنما هي أمور اعتبارية زائدة على الذات شاهداً وغائباً لا هي الذات ولا غيرها ولا شيء ولا لا شيء وهي موجبَة عندهم عن المعاني المؤثرة كما سبق ذكره في فصل المؤثرات.

  فنقول في الجواب عليهم: ما مرادكم بأن الصفات لا توصف، فإن أردتم بالصفات ما زعمتموه من الأمور الزائدة على الذات التي هي غير الأعراض القائمة بالذوات لا هي شيء ولا لا شيء فهو باطل لأنه لا واسطة بين النفي والإثبات فهي حينئذ عدم محض، وإن أردتم بالصفات الأعراض كما هو قولنا وأنها قائمة بغيرها فلا يصح أن يقوم بها غيرها لأنه يؤدي إلى أن تكون موصوفة وهو محال؟

  قلنا: ذلك مسلم في صفات الأجسام القائمة بها أي: الحالة فيها بمعنى أنا لا نجعلها موصوفة أي: محلولة لأنه يؤدي إلى عكس حقيقتها فما المانع من أن نصفها بالوصف اللغوي ونقول إن صفات العالم محدثة لا بمعنى أن صفات العالم محلولة.

  وأيضاً لا يستقيم لكم هذا التعليل في صفات الله تعالى؛ لأنها ذاته لا حالة ولا محلولة فما المانع من أن نصفها بالوصف اللغوي فنقول: صفات الله سبحانه وتعالى أسماء حسنى قال الله سبحانه: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا}⁣[الأعراف: ١٨٠].

  وإن قلتم إن الصفات لا توصف؛ (لما يلزم من التسلسل) حيث وصفناها فيؤدي إلى وصف وصفها وتسلسل إلى ما لا نهاية له (أو) لما يلزم من (التحكم)