(فصل): في ذكر صفات الله العلي وأسمائه الحسنى
  وتعالى يفوض إلى أحد من خلقه أن يخلق ويرزق كما فوض عندهم إلى نبينا ÷ فهو عندهم خالق العالم ومن فيه.
  وقالت الباطنية إن الله تعالى عن ذلك علة صدر عنها السابق وعن السابق التالي.
  قالوا: والسابق والتالي جوهران روحانيان والتالي هو المدبر في جميع العالم.
  وزعمت المنجمة أن الأفلاك السبعة أحياء ناطقة وأن الله تعالى فوض تدبير العالم السفلي إليها فهي المؤثرة فيه، (وكل منهما) أي: من التسلسل أو التحكم
= للتشكيك فيها ... إلخ.
هذا قولهم في التفويض، وقد قالوا أيضاً: إنه لا يمكن أن يصدر عن الله تعالى مباشرة إلا شيء واحد، ولهم قاعدة أخذوها من الفلاسفة الملاحدة وهي: (الواحد لا يصدر منه إلا واحد) حيث قال السيد الخميني في كتابه الأربعون ص ٥٨٣: قلنا بأن الحق سبحانه كمال مطلق ووجود صرف، ولا يتصور الحد والنقص في ذاته وصفاته، وأن متعلق إيجاده ø وجعله الموجود المطلق، ولا يمكن صدور الموجود المحدود الناقص من الذات المقدس، بل هو نتيجة النقص في المعلول والمستفيض، وهذا لا يتنافى مع الفاعل بالإرادة؛ لما يزعم المتكلمون منافاته، فما يمكن أن يكون مرتبطاً من الموجود والمعلول بالذات المقدس الحق المتعالي مباشرة هو الموجود المطلق وصريح الوجود، وهو إما الفيض المقدس بناء على مسلك العرفاء، أو العقل المجرد أو النور الشريف الأول بناء على مذهب الحكماء والفلاسفة، وأما الوجودات الأخرى فتوجد مع الوسائط لا بالمباشرة. هذا، وأما الجواب عليهم فأقول وبالله تعالى التوفيق: إن مجرد تعقل كلامهم حيث قالوا باستحالة مباشرة خلق السموات والأرض من الله تعالى بل استحالة تأثيره تعالى مباشرة في أكثر من شيء واحد وأنه لا يمكن أن يؤثر في خلق السموات والأرض إلا عبر وسائط وأسباب مثل تأثيره - تعالى - في أفعال العباد وبهذا يلزم أن يكون تعالى عاجزاً عن خلقها مباشرة، ومحتاجاً إلى الأسباب والوسائط تعالى عن ذلك علواً كبيراً. وأيضاً هذه الأقوال مجرد دعاوى وخيالات لا دليل عليها فهي عاطلة باطلة. وأيضاً قد أجاب أئمتنا $ على الفلاسفة الملحدة في قولهم بالعلة وأنه لا يصدر عنها إلا معلول واحد وهذا أيضاً جواب على هؤلاء المفوضة. وأيضاً مما علم من الدين ضرورة ودلت عليه صرائح آيات الكتاب الكريم أن الله تعالى خالق السموات والأرض ولا خالق لها غيره. وهذه المسألة واضحة البطلان.