(فصل) في ذكر ما قيل في صفاته تعالى
  مجرد الذات وهذا هو قول الشيخ أبي الحسين البصري والخوارزمي ومن تابعهما.
  وقال في موضع آخر: ذهب الشيخ أبو الحسين ومحمود الخوارزمي(١) وغيرهما من نفاة الأحوال إلى أن الله سبحانه مخالف لخلقه بحقيقة ذاته المخصوصة لا بأمر زائد على ذلك، وإلى هذا ذهب محققو الأشعرية كالغزالي والجويني وابن الخطيب الرازي.
  بل قالوا أيضاً: إن مخالفة كل حقيقة لغيرها إنما تكون بحقيقة ذاتها المخصوصة وإنه ليس بين الحقائق اشتراك إلا في الأسماء والأحكام فأما في حقائقها المخصوصة فلا يمكن وقوع الاشتراك فيها.
  وأما مثبتو الأحوال فذهبوا إلى أن ذاته تعالى مساوية لسائر الذوات في كونها ذاتاً، وإنما تخالف غيرها بصفة مخصوصة اختصت بها دون سائر الذوات.
  قال: وهذا هو مذهب الشيخين أبي علي وأبي هاشم وأبي عبدالله البصري(٢) وقاضي القضاة وغيرهم من جماهير المعتزلة.
  ثم إنهم اختلفوا فيما بينهم فذهب الشيخ أبو علي وأصحابه إلى أنه تعالى مخالف لخلقه بوجوب قادريته وعالميته وحييته فالمخالفة عنده معللة بوجوب هذه الصفات والوجوب معلل بحقيقة الذات وهذا هو قول أبي هاشم أولاً، ثم رجع عنه وذهب آخراً ومن تبعه إلى أنه تعالى مخالف لخلقه بصفة خامسة توجب هذه الصفات الأربع.
  قال: والمختار عندنا ما ذهب إليه نفاة الأحوال. انتهى كلامه #.
  والذي ذهب إليه الإمام يحيى # هو ما ذهب إليه أئمة العترة $ حيث قال في الشامل: والمختار عندنا أن الخصوصية في حقه تعالى إنما هو بنفس ذاته
(١) محمود الخوارزمي: هو ابن الملاحمي. (من هامش الأصل).
(٢) أبو عبدالله الحسين بن علي البصري، أخذ عن أبي علي بن خلاد أولا ثم اخذ عن أبي هاشم، توفي سنة ٣٦٧ هـ وهو من الطبقة العاشرة من المعتزلة. (المنية والأمل باختصار).