[المقدمة]
  يكلف أحداً من طاعته وشكره، إلا دون ما أعطاهم من القوة على الفعل المراد، {غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ ٣}[غافر].
  وأشهد أن محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب بن هاشم، عبده ورسوله وخيرته من جميع خلقه الأعارب والأعاجم، الذي ابتعثه من أعز منصب، وأطيب أرومة، واصطفاه من أشرف جوهر وأكرم جرثومة(١)، واختصه بالرسالة إلى الإنس والجن أجمعين، وأوجب طاعته وتصديقه على جميع المكلفين، وأيده بالمعجز الأكبر الباقي إلى يوم الدين، فصدع ÷ بالرسالة مجتهداً، وأدى ما حُمِّل من الأمانة مناصحاً، والناس في غمرات غيهم عمين، وفي ضلالات كفرهم منهمكين، يعبدون ما ينحتون من الأحجار، ويجعلون لهم آلهة من العيدان والأشجار، ويعكفون عليها آناء الليل والنهار، لا يعرفون رباً، ولا يدينون لله ديناً، فأنقذهم الله سبحانه به من الضلالة، وهداهم بنور علمه من ظُلَم الجهالة، فجزاه الله عنا وعنهم أفضل ما جزى نبيئاً عن أمته، ورسولاً عن أهل ملته، وصلى الله عليه وعلى آله صلاة دائمة بدوامه، لائقة بكرمه.
  وأشهد أن الإمام بعده بلا فصل أخوه ووصيه، وابن عمه ووليه، الفارج الكرب عن وجهه، والسابق إلى الإيمان والتصديق به، فارس الكتائب، ومظهر العجائب، علي بن أبي طالب، ~ وسلامه.
  وأشهد أن الإمام بعده ابن الرسول، وسبطه الأكبر وابن البتول، ثم بعده ابنه أيضاً المطهر، وسبطه الأصغر الأزهر، لقول الله ø: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ٥٥}[المائدة]، وقوله ÷: «من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد
(١) الجرثومة والأرومة: أصل النسب. تمت (فقه اللغة).