(فصل) في ذكر ما قيل في صفاته تعالى
  وأنه لا أول لثبوته فلو كانت ذوات العالم كما زعموا ثابتة فيما لم يزل لم يكن مالا أول لثبوته أولى بالأولية مما لا أول لثبوته.
  ومما يؤيد ما ذكرنا ما تمدح الله سبحانه في غير موضع من القرآن من نحو قوله ø: {وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا ٩}[مريم]، وقوله: {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا ١}[الإنسان]، وفي قوله تعالى: «مذكوراً» من التأكيد لنفي كون المعدوم شيئاً ما لا يجوز لمسلم إنكاره.
  وتمدح سبحانه بأنه الخالق لأصول العالم وفروعه من نحو قوله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ}[إبراهيم: ٣٢]، والمعلوم أن هذه المخلوقة كانت عدماً محضاً إذ لو كانت ثابتة فيما لم يزل وليس له سبحانه فيها إلا صفة الوجود التي هي عندهم ليست شيئاً ولا لا شيء لم يصح تمدحه سبحانه بخلقها.
  ومن السنة قوله ÷ في بعض خطبه: «كان الله تعالى ولا شيء»(١) وذكر في بعضها أن الله مشيئ الأشياء. رواه السيد حميدان #.
  وقال علي #: «كذب العادلون، وخاب المفترون، وخسر الواصفون، بل هو الواصف لنفسه، والملهم لربوبيته، والمظهر لآياته؛ إذ كان ولا شيء كائن».
  وقوله: «عالم إذ لا معلوم، ورب إذ لا مربوب، وقادر إذ لا مقدور».
  وقال علي بن الحسين # في توحيده: «فسبحان من ابتدع البرايا فأحارها، وأنشأها فأمارها، وشَيَّأها فأصارها».
(١) رواه الأمير الحسين # في ينابيع النصيحة والإمام عزالدين # في المعراج، ورواه السيد حميدان #. أفاده السيد العلامة علي بن محمد العجري ¦ في مفتاح السعادة، ورواه النسائي في سننه والحاكم في مسنده وصححه، وروى نحوه البخاري في صحيحه بلفظ: «كان الله ولم يكن شيء غيره»، وروى نحوه ابن حبان في صحيحه، والطبراني في الكبير، والبيهقي في سننه.