(فصل) في ذكر ما قيل في صفاته تعالى
  وأما القاعدة الخامسة فالدليل على بطلانها هو ما قد تكرر ذكره في أثناء ما تقدم من أن الله سبحانه لا تدركه العقول ولا تصوره ولا تناله، وإنما يعرف سبحانه بصنعه وبما دلنا عليه تعالى من أسمائه فكيف يصح دعوى قياسه على المخلوق في الذاتية ولا بد في القياس من جامع يشترك فيه المقيس والمقيس عليه يدرك ذلك الجامع بالحواس أو بالعقول.
  ولأنه لو صح قياسه تعالى على المخلوق في شيء من الأشياء لأشبه المخلوق، ولو أشبه المخلوق لكان محدثاً مخلوقاً تعالى الله عما يقول به المبطلون المفترون علواً كبيراً.
  ومما يؤيد ذلك قول علي #: «لا يدرك بالحواس ولا يقاس بالناس».
  وقول القاسم بن إبراهيم # في كتاب الدليل الكبير: «ولما ثبت اضطراراً بما لا مرية فيه وبما جميع العقول كلها مجمعة عليه أن لكل ما يُرى أو يُسمع أو يُشم أو يُذاق أو يُلمس أو يُتخيل فيُتوهم مدبِّراً لا يخفى تدبيرُه، ومؤثراً بيناً لكل عاقل تأثيره، ثبت وجود خلاف المدبَّر مدبِّراً غير مُدَبَّر، ووجود خلاف المؤثَّر مؤثِّراً غير مؤثَّر.
  وغير ذلك كثير فوضح لك بحمد الله بطلان هذه القواعد الخمس التي ذهب إليها بعض المعتزلة وصحة مذهب أهل البيت $ ومما قاله السيد الإمام طود العترة الكرام مجدالدين(١) المرتضى بن مفضل(٢) بن محمد وهو العفيف بن
(١) كان مشغوفاً بالعلم منذ ترعرع، أدرك الإمام إبراهيم بن تاج الدين. قرأ على والده، وقرأ هو والإمام محمد بن المطهر بحوث على الفقيه محمد بن يحيى حنش، كان مجتهداً عالماً، اجتهاداً مطلقاً، في غاية الكمال في العلم والفضل، والورع والزهد، بلغ في ذلك مبلغاً فاق به على من تقدمه، وكان مشغوفاً بالعلم منذ أن نشأ إلى أن شاخ، ثم أقام بعد ذلك بشظب، ونشر العلم هنالك ودرس، وكان مشتغلاً بالتأليف لا يخرج من بيته إلا للإقراء، وكان أشد الناس حرصاً على تشييد أمر الإمام المهدي محمد بن المطهر، ولم يزل على كل خصلة حميدة حتى توفي سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة، وقبر بجزع عياش من هجرة الظهراوين عند قبور أهله بشظب، وهو معروف مشهور. (طبقات الزيديه باختصار).
(٢) والذي في لوامع الأنوار للإمام الحجة مجدالدين بن محمد المؤيدي #: المرتضى بن مفضل بن منصور بن العفيف، وهو محمد بن المفضل بن الحجاج. وأما في الأصل هنا فقد سقط من النسب (منصور)، ولعل ذلك سهو عند الكتابة والله أعلم. لأنه ثابت في الطبقات واللوامع.