شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل): في ذكر الإدراك في حق الله تعالى

صفحة 381 - الجزء 1

  فالعين بعدهم كأن حِدَاقَها ... سُمِلت بشوك فهي عور تدمع

  وكذلك الشم فإنه يدرك بمعنى ركبه الله في الأنف والذوق بمعنى ركبه الله في اللسان، واللمس بمعنى ركبه الله في العضو، وهذه الأعراض ضرورية من فطرة الله سبحانه وتعالى ركبها في هذه الأعضاء المخصوصة.

  (والله سبحانه ليس كذلك) أي: ليس بذي آلة ولا تحله الأعراض.

  قال السيد حميدان #: مذهب العترة $: أن الله سبحانه مدرك لجميع المدركات درك علم لا كيفية له، ولا يجوز توهمه ولا التفكر فيه، وقد ورد في السمع وصفه بهما، قال الله سبحانه: {وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ١١}⁣[الشورى]، وقال تعالى: {إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى ٤٦}⁣[طه]، وإذا كان كذلك والله سبحانه ليس كذلك (فلم يبق إلا أنهما بمعنى عالم) كما ذكرنا.

  (و) أيضاً (قد قال تعالى) في الدلالة على قولنا: ({أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ ...} الآية [الزخرف: ٨٠])، فصرح سبحانه وتعالى بأنه يسمع السر، (والسر: إضمار في القلب غير صوت، قال الله تعالى: {فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ}⁣[يوسف: ٧٧]) أي: أسر الكلمة التي هي قوله: أنتم شر مكاناً، أي: أخفاها في نفسه أي: أخطرها بباله ولم ينطق بها؛ إذ لا معنى للنطق إلا إسماع المخاطب وإلا عد الناطق به سخيفاً غير كامل العقل فصح أن المراد بالسر في الآيتين ضمير القلب وخاطره، وضمير القلب لا يسمع وإنما يعلم.

  ومما يؤيد ذلك قول أمير المؤمنين علي #: «عينه المشاهدة لخلقه ومشاهدته


= مخضرم، أدرك الجاهلية والإسلام. وسكن المدينة. واشترك في الغزو والفتوح. مات بمصر. وقيل مات بإفريقية. أشهر شعره عينية رثى بها خمسة أبناء له أصيبوا بالطاعون في عام واحد، مطلعها: (أمن المنون وريبه تتوجع). قال البغدادي: هو أشعر هذيل من غير مدافعة. وفد على النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم ليلة وفاته، فأدركه وهو مسجى وشهد دفنه. (الأعلام للزركلي باختصار).