شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل): في ذكر الإدراك في حق الله تعالى

صفحة 382 - الجزء 1

  لخلقه أن لا امتناع منه، سمعه الإتقان لبريته، ومشيئته الإنفاذ لحكمه، وإرادته الإمضاء لأموره» حكاه عنه السيد حميدان #.

  وقال محمد بن القاسم بن إبراهيم #: «وقول الله سبحانه: {سَمِيعٌ بَصِيرٌ} يريد بذلك أنه لا تخفى عليه الأصوات المسموعة كلها، وأنه عالم بالأشخاص والأشباح وصفاتها وهيئاتها وباطنها وظاهرها لا يخفى عليه شيء من درك الأبصار مما تدرك الأبصار منها كلها بل دركه لها وعلمه بها أجود وأبلغ من درك الأبصار كلها».

  وقال الهادي # في كتاب الديانة: وليس علمه وقدرته سواه، هو القادر لا بقدرةٍ سواه، والعالم لا بعلمٍ سواه. وهو السميع البصير، ليس سمعه غيره، ولا بصره سواه، ولا السمع غير البصر، ولا البصر غير السمع، ولا يوصف بسمع كأسماع المخلوقين، ولا ببصر كأبصارهم، تعالى الله عن ذلك، ولكنه سميع لا تخفى عليه الأصوات، ولا الكلام ولا اللغات، بصير لا تخفى عليه الأشخاص، ولا الصور ولا الهيئات، ولا مكان شيء من الأشياء وموضعه، ولا يغيب عليه شيء من أمره وحاله، لم يزل سميعاً بصيراً ولا يزال كذلك تبارك وتعالى. وأن له قدرةً وعلماً وسمعاً وبصراً ليس ذلك على إضافة شيء ثان له تبارك وتعالى.

  (قالوا) أي: قال من خالفنا من المعتزلة ومن تابعهم: (بل هما) أي: سميع بصير (حقيقة كذلك) أي: لغوية مستعملة عند العرب (لمن يصح أن يدرك المسموع والمبْصَرَ بالحياة) لا بغيرها شاهداً وغائباً، وهذا قول جمهور المعتزلة وذهب إليه الإمام يحيى # في الشامل.

  وعند بعضهم وهم أصحاب أبي هاشم أنهما حقيقة كذلك لمن يصح أن يدرك المسموع والمبصر بالحياة بشرط عدم الآفة شاهداً وغائباً كما سبق ذكره، فعلى هذا صفة الإدراك راجعة إلى الحياة مطلقاً أو إلى الحياة بشرط عدم الآفة فكل من كان حياً أو حياً لا آفة به فهو مدرك والإدراك عندهم صفة زائدة على العالمية ولا فرق