(فصل): في تنزيهه تعالى عن مشابهة غيره
  وأما الشيخ أبو الحسين والخورازمي وأصحابهما فقد قالوا بتجدد العالِميات لذاته تعالى، وإلى هذا ذهب بعض الأشعرية.
  قال: والمعتمد في إبطال مذهب الكرامية مسالك منها: أنه لو صح في ذاته تعالى أن تكون محلاً للحوادث لكان حجماً؛ لأن الذي يصحح الحلول إنما هو الحجمية؛ لأنه دائر معها وجوداً وعدماً فيجب أن تكون هي العلة لصحة حلول الأعراض ولهذا فإن العرض لما لم يكن حجماً لم يصح فيه الحلول، ولو كان تعالى حجماً لكان جسماً متحيزاً محدثاً وذلك محال عليه تعالى.
  قال: وذهبت الكرامية إلى أنه يجوز أن يطلق على الله سبحانه وتعالى لفظ الجسم، وزعموا أن فائدة قولنا: جسم هو أنه قائم بذاته، فإذا كان الله قائماً بذاته جاز وصفه بكونه جسماً.
  قال: والمعتمد في بطلان قولهم وجه واحد وهو أن فائدة قولنا جسم ليست حاصلة في حق الله تعالى لأن الجسم في لسان أهل اللغة لكل ما يصح فيه التزايد فنقول: الفيل أجسم من الإبل على معنى أنه زائد عليها في الجسمية، ويقال: خطب جسيم أي: بالغ مبلغاً عظيماً في الزيادة في عظمه والتزايد في حق الله تعالى محال؛ لأن الزيادة والنقصان من سمات الحوادث.
  وأما قولهم إن فائدة قولنا جسم هو أنه قائم بنفسه فهذا فاسد لأن معنى قولنا إنه قائم بنفسه هو أنه لا يحتاج إلى غيره وهذا أمر سلبي والأمور السلبية لا يصح فيها تزايد فلو كان الأمر كما زعموه لما صح أن يقال: الفيل أجسم من الذرة والجمل أجسم من البقة؛ لأنهما مستويان في القيام بأنفسهما، ومعلوم خلاف ذلك.
  وبطل أن يقال إن فائدة قولنا جسم هو أنه قائم بنفسه كما زعموه.
  لا يقال: هلا جاز أن يقال إنه تعالى جسم لا كالأجسام كما يقال إنه تعالى شيء لا كالأشياء وحي لا كالأحياء؛ لأنا نقول: هذا فاسد؛ لأن قولنا جسم يفيد فائدة واحدة وهو ذهابه في هذه الجهات وامتداده فيها، فإطلاق قولنا جسم يفيد