شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل): في تنزيهه تعالى عن مشابهة غيره

صفحة 399 - الجزء 1

  هذه الفائدة، فإذا قلنا بعد ذلك إنه تعالى لا كالأجسام أبطلنا هذه الفائدة فيكون مناقضاً للكلام الأول.

  فأما قولنا: شيء فإنه يفيد فائدتين عامة وخاصة فالعامة كونه مما يصح أن يعلم ويخبر به، والخاصة هو كونه حقيقة مخصوصة فإذا وصفنا الله تعالى بأنه شيء أفاد أنه يصح أن يعلم ويخبر عنه وبه، ثم إذا قلنا بعد ذلك: إنه لا كالأشياء أفاد أنه ليس مماثلاً لشيء من الحقائق فلهذا لم يكن قولنا: لا كالأشياء مناقضاً للكلام الأول.

  وكذا في قولنا: إنه تعالى حي لا كالأحياء وقادر لا كالقادرين ونحو ذلك. انتهى.

  وقال بعض (الصوفية: بل) هو تعالى (يحل في الكواعب الحسان ومن أشبههن من المردان) تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً، ومثل هذه الرواية عن الصوفية حكى الإمام المهدي # وغيره عنهم لعنهم الله تعالى.

  وتحقيق مذهبهم أنهم يقولون إنه تعالى عرض يحل في الصورة الحسنة عشقاً منه لها فاتحد تعالى عن ذلك بها وحدةً نوعية وهؤلاء هم الحلولية انتحلوا مذهب بعض النصارى حيث قالوا إن الله تعالى حال في عيسى # كما سيأتي تحقيق مذاهبهم في ذلك إن شاء الله تعالى.

  (قلنا) جواباً على جميع من تقدم ذكره من الفرق المخالفة للحق: (الحالُّ لا يكون ضرورة) أي: يعلم بضرورة العقل أن الحال لا يكون (إلا جسماً أو عرضاً، والله تعالى ليس بجسم ولا عرض؛ إذ هما محدثان كما مر) في فصل حدوث العالم (والله [تعالى] ليس بمحدَث كما مر) في ذكر صفاته تعالى، (ولقوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ١١}⁣[الشورى]، وما كان حالاً في غيره أو محلاً لغيره فهو مشابه لغيره محدث كحدوثه؛ إذ الحال والمحلول جسم وعرض لا غير.