شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل): في تنزيهه تعالى عن مشابهة غيره

صفحة 400 - الجزء 1

  وأما قولهم إن القول بأنه لا داخل في العالم ولا خارج عنه نفي له فغير مسلم وإنما هو نفي أن يكون من جنس العالم.

  وأما كون الأوامر والنواهي والكتب وإرسال الرسل ونزول الرحمة والعذاب من جهة فوق فلما جعل الله سبحانه في إسكان الملائكة السماوات من المصلحة وهم رسل الله سبحانه إلى عباده بالخير والشر، ولما فطر الله سبحانه الهواء على حمل السحاب وإنشاء المطر فيه وكونه سبباً لأرزاق الحيوان وغير ذلك من المصالح العظيمة والمنافع الجسمية فكل خير ينزل من السماء وكل بلاء كذلك فلذلك شرع فتح الأكف في الدعاء بالخير وتوجيه باطن الراحة إلى السماء وقلبها وتوجيه الراحة منها إلى الأرض عند الاستعاذة من الشر واستكفاء الشدائد تفاؤلاً كما ورد به الأثر.

  تنبيه: وقول الموحدين: الله سبحانه بكل مكان معناه أنه حافظ مدبر بكل مكان.

  قال الهادي إلى الحق #: «إن سأل سائل مسترشد أو متعنت فقال: ما معنى قولكم إن الله بكل مكان تبارك ذو المن والإحسان؟

  قلنا له: معنى قولنا ذلك في ربنا إنا نريد أنه الشاهد علينا غير الغائب عنا لا يغيب عن الأشياء ولا يغيب عنه شيء قرب أو نأى وهو الله الواحد الجليل الأعلى؛ لأن من غاب عن الأشياء كان في عزلة منها والعزلة فموجدة للحد والتحديد، ومن غابت عنه المعلومات كان من أمرها في أجهل الجهالات وكانت عنه عازبة غائبة والله سبحانه فلا تخفى عليه خافية سراً كانت أو علانية، فعلى ذلك يخرج قولنا إن الله بكل مكان نريد أنه العالم الشاهد لكل شأن. انتهى

  وقال علي # في جوابه للجاثليق حين قال: أخبرني عن الله سبحانه أين هو؟ فقال #: «هو هاهنا وهاهنا وهاهنا فوقنا وتحتنا ومحيط بنا، وهو معنا لا يزول وذلك قوله جل وعلا: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا